FT: تحول في سياسة بايدن بشأن الحرب السعودية في اليمن
نشرت صحيفة “فايننشال تايمز” تقريرا للصحفيين سامر الأطرش وفيليسيا شوارتز قالا فيه إنه عندما ترشح جو بايدن لرئاسة الولايات المتحدة، اتهم السعودية بـ “قتل الأطفال” في اليمن، حيث قادت قواتها تدخلا عسكريا ضد مقاتلي الحوثيين المدعومين من إيران. ولكن في تحول ملفت للنظر، قبل أسابيع فقط من رحلة إلى المملكة، أشاد بايدن بـ “القيادة الشجاعة” للرياض في الصراع.
وتأتي زيارة الرئيس في تموز/ يوليو في الوقت الذي تحاول فيه الولايات المتحدة إصلاح العلاقات مع السعودية، أكبر مصدر للطاقة في العالم، بسبب ارتفاع أسعار الطاقة والتضخم. وسيلتقي بايدن مع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الذي قاطعه بسبب مقتل الصحفي جمال خاشقجي على يد عملاء سعوديين، وهو ما نفى الأمير محمد تورطه فيه.
أدى مقتل خاشقجي والحرب في اليمن إلى اختبار شديد للعلاقات بين بايدن والأمير محمد. كانت بعض قرارات الرئيس الأولى في منصبه هي تعليق دعم الأسلحة للسعودية جزئيا وإلغاء تصنيف الحوثيين على أنهم حركة إرهابية. لكن في مؤشر على كيفية تغير الأمور، أشاد بايدن بالأمير لدوره في إبرام الهدنة التي أُعلنت لأول مرة في نيسان/ أبريل، وتم تمديدها في حزيران/ يونيو لمدة شهرين آخرين.
وقال تيموثي ليندركينغ، المبعوث الأمريكي إلى اليمن: “لقد كان اليمن معززا للعلاقة، وبالتأكيد للزيارة. فحقيقة أن هناك هدنة في اليمن سهلت رحلة الرئيس. أعتقد أنه سيكون من الأصعب عليه التوجه إلى السعودية إذا لم يكن هناك وقف لإطلاق النار”.
تعتقد واشنطن أن السعوديين يريدون تخليص أنفسهم من الصراع وهم يشرعون في إصلاحات اجتماعية واقتصادية. قال ليندركينغ: “اليمن يشكل عبئا حقيقيا على هذا النوع من الأهداف حيث يسعى [الأمير محمد] لتعزيز التنمية الاقتصادية في البلاد وكسب تأييد الشباب”.
وفرت الهدنة فترة راحة من الحرب المستمرة منذ سبع سنوات والتي خلفت مئات الآلاف من القتلى من الأمراض وسوء التغذية وخلقت ما تسميه الأمم المتحدة أسوأ أزمة إنسانية من صنع الإنسان في العالم. وتعرضت الضربات الجوية للتحالف، التي تقول تقارير الأمم المتحدة إنها قتلت آلاف المدنيين عندما ضربت القنابل المنازل والمدارس والأسواق، للانتقاد على نطاق واسع في الولايات المتحدة.
ويقول دبلوماسيون غربيون إن التحالف حسّن بشكل متزايد استهدافه وأصبح أكثر شفافية بشأن الأخطاء. وقصف الحوثيون، الذين يسيطرون على الشمال وأكبر مدينة، صنعاء، منشآت نفطية ومطارات في السعودية والإمارات، واتُهموا بقصف مناطق في اليمن بشكل عشوائي.
من المتوقع أن يشجع بايدن مفاوضات الهدنة، التي توسطت فيها الولايات المتحدة والأمم المتحدة جزئيا، عندما يزور السعودية. وقال مسؤول سعودي إنه سيجد جمهورا متجاوبا في الرياض، قائلا: “نواصل دعم جهود مبعوث الأمم المتحدة في اليمن”.
لكن المسؤولين الغربيين والسعوديين واليمنيين يقولون إن فرص تحول الهدنة إلى وقف رسمي لإطلاق النار، تليها محادثات سياسية في نهاية المطاف، ضئيلة. استجابت حكومة جديدة مدعومة من السعودية والإمارات، ومعقلها في الجنوب، لمطالب الحوثيين بفتح رحلات جوية من الشمال، والوصول إلى ميناء الحديدة، وقبول جوازات السفر الصادرة عن الحوثيين. لكن مسؤولا حكوميا يمنيا قال إن المتمردين رفضوا تقديم تنازلات.
قال وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني، إن “الحكومة قدمت تنازلا بعد تنازل لمصلحة اليمنيين، بينما لم تلتزم مليشيا الحوثي بشقها من الاتفاق واستمرت في خرق الهدنة ومحاصرة [مدينة] تعز”. في إشارة إلى رفض الحوثيين فتح الطرق المؤدية إلى تعز. قال ليندركينغ إنه كان “يأمل” في التوصل إلى حل وسط.
لم يكن لدى المراقبين الدوليين سوى القليل من الوصول إلى الدائرة الحاكمة الداخلية للحوثيين، حيث وصفهم أحد الدبلوماسيين بأنهم “الصندوق الأسود”. وامتنع مسؤولون حوثيون عن التعليق. ويقول مسؤولون سعوديون ويمنيون إنهم يخشون أن يعتقد الحوثيون أنه لا يتعين عليهم تقديم تنازلات، بالنظر إلى رغبة الرياض في الخروج من الحرب ونفاد صبر الولايات المتحدة تجاه هذا المستنقع.
قال مسؤولون سعوديون إن قرارات بايدن، مثل التعليق الجزئي لمبيعات الأسلحة والتأخير في إمداد السعوديين بالصواريخ المعترضة، شجعت الحوثيين. وقال المسؤولون إن عكس بايدن لتصنيف إدارة ترامب للميليشيات جماعة إرهابية كان له تأثير مماثل، على الرغم من ترحيب منظمات الإغاثة به لأن التصنيف أدى إلى تعقيد جهود الإغاثة في البلاد.
قال مسؤول سعودي: “قرأ الحوثيون الموقف الأمريكي خطأ، ولهذا أصروا [في البداية] على رفض وقف إطلاق النار. قالوا إن الولايات المتحدة تضغط على السعودية لإنهاء الحرب دون قيد أو شرط ولصالح الحوثيين”. ولكن هزيمة الحوثيين في منطقة شبوة أقنعتهم بقبول وقف إطلاق النار. وقال المسؤول: “لقد كانوا يخشون انتقال القتال إلى صنعاء”.
وافق ليندركينغ على أن “الحوثيين أساءوا قراءة واشنطن في وقت مبكر عندما تولى بايدن منصبه.. حقيقة ذهاب الرئيس إلى السعودية تدل على التزامنا ليس فقط بالدفاع عن السعودية ولكن بالحلول الدبلوماسية للأزمات الإقليمية”.
ومع ذلك، لا تزال محادثات الهدنة متوقفة في الوقت الحالي. ويتهم المسؤول السعودي والمسؤولون اليمنيون الحوثيين باستغلال الهدنة لإعادة تنظيم قواتهم بعد سلسلة من الهزائم. ويقول مسؤولون حكوميون سعوديون وأمريكيون ويمنيون إن إيران، التي منحت الحوثيين القدرة على الضرب داخل السعودية والإمارات، تواصل تزويدهم بالأسلحة.
في غضون ذلك، قال المحلل اليمني ريمان الحمداني إن بعض الفصائل المتباينة في الحكومة المدعومة من التحالف، بما في ذلك الانفصاليون في المجلس الانتقالي الجنوبي، حشدوا قواتهم، مما أثار تساؤلات حول المدة التي يمكن أن يستمر فيها التحالف دون إحراز تقدم في المحادثات.