المسيحيون الإنجيليون.. زوار “غير متوقعين” للسعودية لأغراض دينية
شهدت المملكة العربية السعودية ازدهارًا في قطاع السياحة بعد أن سمحت المملكة بإصدار تأشيرات سياحية للأجانب قبل حوالي أربع سنوات. والجدير بالذكر أن العديد من الناس لم يكونوا يتوقعون زيارة المسيحيين للمواقع الأثرية بأعداد كبيرة، ولا سيما في شمال غرب البلاد، والتي تقع في منطقة مطلة على البحر الأحمر.
ووفقًا لتقرير مطول نُشر في صحيفة “نيويورك تايمز”، يسعى السعوديون إلى جذب السياح، لكنهم لم يتوقعوا زيارة المسيحيين الإنجيليين للمملكة التي كانت في الماضي تجذب المسلمين فقط لأداء الحج أو العمرة.
وأشار التقرير إلى أن الإنجيليين يعدون الآن من بين أكثر السياح حماسة في المملكة الإسلامية المحافظة، مستشهد بقصص سائحين مسيحيين سافروا إلى مناطق صحراوية نائية في شمال غرب المملكة العربية السعودية تطل على خليج العقبة.
ويذكر التقرير أن هؤلاء السياح قاموا بزيارة تلك المناطق على طول الشاطئ المحاذي للحدود بين المملكة ومصر، حيث توقفوا في شاطئ قاحل. وتجمعوا حول جويل ريتشاردسون، وهو واعظ من ولاية كانساس.
وفي وقت غروب الشمس فوق جبال سيناء، طلب ريتشاردسون من الجميع تخيل الوقوف على الجانب الآخر من البحر، متذكرين قصة هروب النبي موسى من جيش فرعون وافتراق البحر.
وعندها، فتح الواعظ الكتاب المقدس (الإنجيل)، وبدأ في قراءته، واستمع إليه باهتمام متقاعدين من فلوريدا، وصيدلاني من كولورادو، ومحاسبة من ولاية أيداهو، وعالم آثار إسرائيلي.
ويقول التقرير إن هؤلاء السياح ليسوا هم الذين توقعهم المسؤولون السعوديون عندما فتحوا حدود البلاد أمام السياح في عام 2019 ، سعياً لتنويع الاقتصاد المعتمد على النفط وتقديم نظرة جديدة للعالم.
وكان المسؤولون يعتقدون أن المغامرين هم من سيأتيون أولاً ، أو المسافرين المتمرسين الذين يبحثون عن وجهة غير عادية، مثل ملاك اليخوت الذين قد يزورون المنتجعات التي تبنيها الحكومة على ساحل البحر الأحمر. ولم يكن هناك تفكير مسبق بشأن وجود زائرين مسيحيين في هذه المملكة الإسلامية المحافظة.
ولكن المفاجأة أن المسيحيين من جميع الطوائف كانوا من بين أول المستخدمين للتأشيرات السياحية السعودية الجديدة. نمت أعدادهم بشكل كبير منذ ذلك الحين. ويعود الفضل في هذا أيضًا للمعلومات ومقاطع الفيديو على YouTube التي تتحدث أن جبل سيناء في المملكة العربية السعودية وليس في مصر ، حيث تصف الكتب المقدسة اليهودية والمسيحية أن الله أنزل الوصايا العشر فيه.
وقالت كريس جيبسون للصحيفة، وهي محاسبة من أيداهو تبلغ من العمر 53 عاما مشاركة في رحلة ريتشاردسون، والتي لم تسافر أبدا خارج الولايات المتحدة والمكسيك: “إنه يجعل شيئا كنت تؤمن به طوال حياتك ملموسا”.
لعقود من الزمان ، كان زوار المملكة العربية السعودية تقريبًا من الحجاج المتجهين إلى مكة المكرمة. وكان من المحظور ممارسة طقوس الديانات الأخرى بشكل علني. كما كانت الأشجار الاصطناعية لعيد الميلاد تُهرب وتُباع سراً نظرًا لتلك القيود المفروضة.
وأشار التقرير إلى أن صعود ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في السلطة، وتبنيه رؤية لتحويل المملكة إلى مركز أعمال عالمي، أدى ذلك إلى سلسلة من التغييرات الاجتماعية. حيث تم تخفيف قواعد اللباس ورفع الحظر عن قيادة المرأة للسيارة، وتم تجريد هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من سلطاتها. كما تم التصعيد من القمع السياسي ، وإسكات جميع الأصوات المعارضة.
وذكرت الصحيفة أنه مع دخول المملكة العربية السعودية حقبة جديدة ، أصبحت الأحداث التي لم يكن من الممكن تصورها من قبل شائعة.
وقالت الصحيفة إن قلة من السعوديين الذين يجرؤون على التحدث عن الحرية الدينية الكاملة، حيث يمكن أن يواجه الملحدين وحتى المسلمون الذين يشككون في تعاليم الإسلام السجن. ومع ذلك، تتغير البيئة الدينية بسرعة في المملكة. فقد حضر رهبان بوذيون تجمعًا بين الأديان، وقام زوار يهود بزرع أشجار النخيل في المدينة المنورة، وظهر رجل أمريكي إسرائيلي في الرياض، يعلن نفسه “الحاخام الأكبر للمملكة العربية السعودية” عبر الإنترنت.
تتغير المملكة بسرعة، ومع ذلك، لم تستجب الهيئات الحكومية لطلبات الصحيفة للتعليق على سفر المسيحيين. بعض السعوديين أعربوا عن دهشتهم منمن أن التوسع في السياحة أصبح من أولويات التنويع الاقتصادي في البلاد.