ما دلالات المطالبة بحجب منصة “نتفيلكس” وأخواتها في المملكة..؟
منذ أيام يواصل الإعلام المحلي والرسمي في المملكة، هجوما واسعا ضمن مطالبات بحجب منصتي البث العالميتين، “نتفيلكس” و”ديزني” لتضمن المحتوى المعروض فيهما انحلالاً أخلاقياً، بحسب تلك الوسائل الإعلامية وحسابات نشطة في التواصل الاجتماعي.
وعلى رغم من أحقية المطالبة، إلا أن هناك شكوكا منها وهل لها أهداف أخرى منها اقتصادية، في ظل تنافس محموم بين شركات البث الرقمي، كما أن المملكة والإمارات باتت تشارك وتسهم في هذا النوع من الاستثمار في ظل أن الخليج والمملكة تحديدا من أكثر البلدان مشاهدة كما تقول مواقع عالمية.
كما أن المطالبة العلنية بالحجب لـ “نتفيلكس” وأخواتها لم يمنع عن الترويج عن المحتوى المعروض فيها، و ذلك ضمن أنشطة هيئة الترفيه التي يرأسها تركي آل الشيخ.
بالإضافة إلى أن الحملة التي بدت منظمة في وسائل الإعلام، أتت أيضا متزامنة مع تقرير عرضته قناة الإخبارية، لتعمل على تغطيته أغلب الصحف والمواقع الإلكترونية، وهو ما أعده البعض ترويجا وتسويقا للمحتوى السيء الذي تم التعليق عليه.
كما أنها جاءت متوافقة مع إعلان لدول مجلس التعاون الخليجي الثلاثاء، قال إن ما يعرض في منصة “نتفليكس”، يتعارض مع “القيم والمبادئ الإسلامية والمجتمعية”، بما في ذلك محتوى موجه للأطفال.
وأفاد بيان صادر عن مجلس التعاون الخليجي بأن لجنة مسؤولي الإعلام الإلكتروني بدول المجلس عقدت اجتماعا لمناقشة “ما لوحظ في الفترة الأخيرة من قيام منصة نتفلكس ببث بعض المواد المرئية والمحتوى المخالف لضوابط المحتوى الإعلامي في دول المجلس والذي يتعارض مع المبادئ الإسلامية والمجتمعية”.
وأضاف البيان أنه “تم التواصل مع منصة نتفلكس لإزالة هذا المحتوى بما فيه الموجه للأطفال والالتزام بالأنظمة”. وتابع البيان أن “الجهات المعنية ستتابع مدى التزامها، وفي حال استمرار بث المحتوى المخالف سيتم اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة”.
بينما أكدت الهيئة العامة للإعلام المرئي والمسموع في المملكة العربية السعودية على مطالبة منصة نتفليكس بإزالة المحتوى المخالف، وأشارت إلى أن بيان لجنة مسؤولي الإعلام الإلكتروني هو بيان مشترك.
مطالبة سابقة
وفي أبريل/ نيسان الماضي، لم تعرض دور السينما في السعودية أحدث أفلام سلسلة “دكتور سترينج” بعد أن رفضت ديزني طلبا من السلطات السعودية بحذف “إشارات لمجتمع المثليين”.
وبحسب ما ورد تم حظر فيلم الرسوم المتحركة (لايت يير)، الذي ظهرت فيه قبلة بين شخصيتين مثليتين، في كل من المملكة والإمارات العربية المتحدة في يونيو/ حزيران.
كما اتهمت السلطات السعودية موقع يوتيوب الشهر الماضي، بالسماح “بإعلانات غير لائقة” تنتهك القيم الإسلامية.
تويتر.. تأييد إلا أن البديل معدوم
وفي موقع تويتر، رصد “السعودية اليوم” تغريدات للمتفاعلين مع الحملة، بينما اكتفى البعض بالتعليق، في كيفية حذف المحتوى غير المتوافق مع الأخلاق وتعاليم الإسلام من بقية المنصات التي أصبح الجميع يتعامل معها بصورة دائمة.
منهم الناشط خلف الدوسري، الذي أبدى موافقته على المطالبات بإيقاف المهازل السينمائية، الحاصلة حد تعبيره، والتي تبثها منصات كمنصة “نتفيلكس”، ويرى أن ما تقدمه، هو إسفاف وترويج لشذوذ الأطفال.
أما الكاتب الصحفي “فائز الشهري” تساءل في بداية تدوينة له، بقوله “كيف تدمر نتفلكس نفسها وقيم الأسرة؟”.. مشيراً إلى مقالة له في صحيفة “الرياض” ومضيفاً “أكثر مسلسلات “نتفليكس” تقدم المحتوى الجنسي بما لا يتناسب مع التصنيف العمري، وتظهر البطل في مواقف إنسانيّة مؤثرة ثم نكتشف أنه منحرف جنسيا، ليكون التصرف التلقائي هو التعاطف مع ما يمثّله وتقبله وتقبل أفكاره”.
“عبدالله البندر” بدوره كتب “بعد مطالبة المملكة واستجابة منصة يوتيوب بحذف الإعلانات التي تتعارض مع القيم والمبادئ الإسلامية، جاري العمل الآن على منصة “نتفليكس”.. مضيفاً “كل التوفيق على ما تقومون به من عمل عظيم”.
إلى ذلك طالب الناشط السعودي البارز، والذي يحظى بمتابعة واسعة على تويتر “عبدالله الخريف، المتخصص بالإدارة والإعلام الرقمي، بحجب مسلسل “ساند مان” في الخليج، بسبب مخالفته القيم الإسلامية والعربية وبثه أفكاراً خبيثة.
وقال الخريف ” “بصوت خليجي واحد ضد محتوى “نتفلكس” المخالف للقيم لجنة مسؤولي الإعلام الإلكتروني بدول الخليج تطالب بإزالة محتوى المخالف من نتفلكس”.
حقيقة وجود أصوات محافظة في الإعلام السعودي
رأي آخر حسب متابعين، اعتبر الحملة، من باب أن الإعلام السعودي، ما زال يضم أصواتاً محافظة، كما أن لها كلمتها، وأشاروا إلى أن التقرير الذي نشرته قناة الإخبارية، ركز على مشهد قبلة في مسلسل “مو” حيث ظهر فيه ممثل سعودي شاب، وهو يقبل “عروسه” كما هو معتاد في المسلسلات العربية الأخرى، وهو ما كان محل الانتقاد سواء من القناة، أو في مواقع التواصل التي ترى أن ذلك خادشا للحياء، ولم تعهده الثقافة السعودية.
واعتبرت القناة ذلك نوعاً من السعي للنجومية المؤقتة التي تأتي في مخالفة قيم عن طريق صنع عمل بمحتوى يشجع على الانحلال الأخلاقي.
وأضافت أن “منصات البث العالمية أصبحت مصدرًا مهمًا لتحقيق المال والشهرة في وقت قياسي بطريقة غير أخلاقية، ما أدى إلى ظهور أصوات تطالب بضرورة وضع حد لتلك الظاهرة الهادفة إلى تدمير قيم المجتمع”.
محام: خطر حقيقي
في سياق آخر ركزت صحف إلكترونية في المملكة، على تصريح للمحامي عمر الخولي، أدلى به لقناة الإخبارية، في وقت سابق طالب فيه بسرعة حظر التطبيق في المملكة، موضحا أنه يعرض الأطفال والأجيال المقبلة لخطر حقيقي، ويؤثر فيهم بشكل كبير.
ودعا الخولي إلى اتخاذ إجراءات فورية لوقف هذا العبث، فالحوارات والإنذارات لم تعد كافية، مشيراً إلى أن الاتفاق بين دول مجلس التعاون الخليجي، قد تتأخر المنصة في الرد عليه، أو يفتح الباب للتشاور، لكن يجب أن يحسم الأمر ويتم اتخاذ قرار سريع بشأن نيتفلكس.
حلبة “تنافس”
ومع تصاعد وتيرة الجدل حول حجب نتفليكس تحضر دلالات أخرى منها التنافس الاقتصادي على المشاهدة العربية، ومع الاهتمام السعودي في هذا المجال، ترى أحقيته الاستفادة منها في المملكة أو المنطقة العربية ككل، وهو ما وسع من المطالبة بالحجب وصولا إلى مصر التي تعد من البلدان المنتجة للمحتوى.
البديل العربي “شاهد” وغيرها
يؤكد ذلك ما أشارت إليه صحيفة عكاظ في وقت سابق، بأن شبكة نتفليكس “ليست مشروعا تلفزيونياً ولا ترفيهياً، بل هي جيش من اللاقيم والأخلاق الفاسدة، والعلاقات غير السوية.
وترى الصحيفة أن منصة شاهد التابعة لشبكة “إم.بي.سي” تبرز كبديل تلفزيوني يمكن البناء عليه لتكون حائط صد لهجمة نتفليكس وشقيقاتها من المنصات الغربية المتفوقة بحكم الإبهار والإنتاج المكلف والغزير.
ميزانيات ضخمة
وكانت مجموعة “إم.بي.سي” البارزة في العالم العربي أعلنت استثمارها في المزيد من المحتوى النوعي الرقمي، وقوامه الإنتاجات الأصلية، مخصصة ميزانيات ضخمة لإنتاج أعمال حصرية لزيادة مستخدمي “شاهد” وتسويق المملكة العربية السعودية محليا وعالميا.
ونجحت منصة شاهد في تثبيت نفسها كأبرز وأكبر مزوّد للمحتوى الأصلي النوعي العربي للجمهور في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وما ورائهما.
دراسة متخصصة
في السياق أكدت دراسة صادرة عن شركة “داتاكسيس” المتخصصة في هذا النوع من الدراسات الاقتصادية، بأن السوق العربية للبث عبر الإنترنت تشهد زيادة كبيرة تقدر بأكثر من 30 في المئة في أعداد المشتركين بين عامَي 2020 و2021، ووصل عدد المشتركين في المنصات العربية والعالمية المختلفة إلى حوالي عشرة ملايين مستخدم في 18 دولة عربية.
وتوقعت الدراسة ارتفاع هذه الأعداد بمقدار ثلاثة أضعاف خلال السنوات الخمس المقبلة، حيث يتوقع أن يصل عدد المشتركين مع حلول 2026 إلى نحو 30 مليون مشترك. وتشكل دول مجلس التعاون الخليجي النسبة الأكبر من مستخدمي البث عبر الإنترنت في العالم العربي، بما يقرب من 3 ملايين مشترك في السعودية، وأكثر من مليونين في الإمارات العربية المتحدة.