نزاع قانوني سعودي كويتي مع إيران على حقل “الدرة” البحري.. ما تداعياته..؟
كشف معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى عن خلافات متنامية بين المملكة والكويت من جهة، وإيران من جهة أخرى على حقل نفطي بحري، فما القصة؟”.
وذكر المعهد في تحليل كتبه “سايمون هندرسون” مدير برنامج الخليج وسياسة الطاقة في المعهد، إن تداعيات الخلاف الذي اعتبره جيوسياسي قد تترتب على على نزاع قانوني بسيط نسبياً.
وأفاد أنه في آذار/مارس، اتفقت السعودية والكويت على تطوير حقل غاز طبيعي بحري على بعد حوالي خمسين ميلاً (80 كلم) من ساحليْهما. ولم يحدد الطرفان إطاراً زمنياً للبدء بالأعمال، إلا أن هذه الخطوة أثارت غضب إيران، التي أكّدت أن الحقل يمتد إلى مياهها الإقليمية ووصفت الاتفاق بأنه “غير قانوني”.
ورداً على ذلك، أكّدت الكويت أن المنطقة هي “حقل كويتي وسعودي بالكامل”. ولكن بعد أسبوعين، بدا أن المسؤولين السعوديين والكويتيين لديهم أفكار أخرى حيث دعوا إيران لإجراء مفاوضات لتحديد مدى امتداد الحقل. لكن القضية لا تزال حساسة.
والسؤال الأكثر أهمية هو: هل تُعتبَر مكامن الغاز حقلاً واحداً أو حقلين. ومن جانبها تطلق إيران اسم “آرش” على الحقل من الخليج العربي، في حين تسمي السعودية والكويت القسم الموجود في مياههما “الدرة”. وإذا كان حقلاً واحداً، فالسؤال المطروح إذاً ما هو حجم الجزء المتواجد في المياه الإيرانية، علماً أن الكثيرين من الخبراء يعتقدون أنه حقل واحد فقط قادر على إنتاج كمية كبيرة من الغاز بالإضافة إلى المكثفات (التي تباع كنفط).
وعلى الرغم من أن الكويت هي منتج كبير للنفط، إلا أنه يتعين عليها حالياً استيراد الغاز لتوليد الكهرباء – وفي بعض الأحيان من مصادر بعيدة مثل منطقة البحر الكاريبي، وهذا أمر مستغرب جداً. وبالمثل، ستجد الرياض أن غاز “الدرة” سيعود بالفائدة عليها إذ قد تستخدمه لتوليد الطاقة بدلاً من النفط الذي يمكن أن يحقق أرباحاً أكثر عند تصديره. وحتى إيران تحتاج إلى كميات إضافية من الغاز، على الرغم من تنافسها مع روسيا على لقب الدولة التي تملك أكبر احتياطي غاز في العالم.
ويرى التحليل بأنه قد يكون الخلاف أكثر تعقيداً بسبب الأصول التاريخية للخطوط الساحلية السعودية والكويتية. فعندما رَسَم في الأصل المسؤولون الإمبرياليون البريطانيون حدود هذه المنطقة في الساحل الخليجي سُميت على نحو ملتبس بـ”المنطقة المحايدة” بسبب أنماط الهجرة وولاءات القبائل البدوية المحلية. ومع اكتشاف النفط، تم تقسيم المنطقة بين السعودية والكويت، ولكن جرى تقاسم عائدات الإنتاج. واليوم، ما زال هذا الترتيب يسبب درجة من التوتر.
وأضاف “وفي بعض الأحيان، برزت أيضاً خلافات سياسية ثنائية. فعندما زار حاكم السعودية الفعلي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الكويت في عام 2018، تم تقليص الرحلة بشكل مفاجئ لأسباب لم يتم شرحها مطلقاً، لكنها تُنسب على نطاق واسع إلى الامتعاض الكويتي من أسلوبه الدبلوماسي”.
وتجدر الإشارة إلى أن “الدرة/آرش” ليس حقل الغاز الأول الذي يمتد عبر حدود سيادية، وقد وُضعت لهذه الحالات آليات قانونية دولية، راسخة وواضحة، للاستثمار المشترك وتقاسم الإيرادات. ففي الخليج وحده، تتشارك إيران حقول نفط وغاز أخرى مع قطر والإمارات وسلطنة عُمان. ومع ذلك، فإن الخلافات الناتجة عن ترتيبات المشاركة هذه لا يتم تسويتها دائماً بشكل ودي: ففي عام 1990، على سبيل المثال، برّر صدام حسين جزئياً غزوه للكويت بزعمه (وهو محق بعض الشيء) أن هذه الأخيرة كانت تُنتج بشكل مفرط من حقل نفط يقع ضمن حدودهما المشتركة.
وفي سياق المخاوف الحالية بشأن أسعار الطاقة العالمية والنقص في إمدادات الغاز المرتبط بالحرب في أوكرانيا، ربما يكون أهم ما يمكن استخلاصه من الخلاف أنه حتى لو تم حل الأمر بسلاسة وبشكل عاجل، فقد لا يبدأ الإنتاج في حقل “الدرة/آرش” قبل عدة سنوات، وسيستوجب مصاريف تطوير هائلة (تقدر بنحو 7 مليارات دولار لحقل “الدرة” وحده).
وفي ظل هذه الظروف، ومن أجل تجنب الإجراءات التي قد تؤدي عن طريق الخطأ إلى تفاقم الحساسيات السياسية بين الأطراف، قد يكون أفضل نهج لواشنطن هو الحفاظ على دور المراقب في هذه المرحلة. إلى ذلك، لن تحقق طهران إيرادات من هذا المشروع في وقت قريب. وفي غضون ذلك، تمنح هذه القضية دول الخليج الرئيسية فرصة لإقامة علاقات عمل مع بعضها البعض على الرغم من التوترات.