أهازيج و”شوك القعادة”.. رحلة الحج من جازان قبل 70 عامًا
يستذكر كبار السن من أهالي منطقة جازان هذه الأيام، تزامنًا مع سفر بعض الأهالي للحج كيف كانت رحلة الحج برًا على ظهور الإبل ومشيًا على الأقدام طوال فترة تزيد على 3 أشهر أحيانًا، وما كان يصاحبها من مصاعب وطقوس يحفظها بعض الأهالي لتربط جيل الحاضر بالأجيال السابقة.
ويقول الشيخ إبراهيم آل مفرح من أعيان محافظة بيش، إن الحج قبل أكثر من 70 عامًا يختلف عن حاضرنا بفوارق كبيرة، حيث كان الأهالي يبدؤون بالإعداد لها منذ عيد الفطر المبارك ويهيئون مؤونة الحاج، وكانت هناك وجبات يتم إعدادها كزاد للحاج ومنها ما يعرف لدينا في محافظة بيش بالشمير.
وتابع: “كانت رحلة الحج مليئة بالمصاعب والمشاق ومن تلك المصاعب أن الحاج يتيه في الطريق ويمرض وغيرها فلم تكن سبل الراحة مهيأة كما هي عليه اليوم، ومن طقوس الحج قديمًا كان يسير بالحجاج جمع من الأهالي ومعهم شخص يُكنى بالملبي وهذا الملبي يردد من القصائد والأناشيد ما يشجع الحجاج على السير ويشوقهم للحج”.
ومن جهة أخرى يوثق الفنان التشكيلي قالب الدلح، بلوحات فنية لذلك الموروث، ويصف في إحداها موروث استقبال الحجاج في ذلك الوقت، وهو الكرسي الذي يتم تجهيزه للحاج، عبر تجديد حباله المصنوعة من شجر “الطفي”.
ويقول “الدلح”، كانت في تلك الفترة من أهم العادات هي عادة تحبيل “القعادة” كما يطلق عليها في العامية، ويتم ذلك بعد العيد مع قرب عودة الحجيج ويكون ذلك في منزل الحج ومع جمع من النساء ويقوم الرجل الذي يتم اختياره بذلك العمل، وتتخلل ذلك العديد من الأهازيج من بينها ما كان يقال: “يوم تحبيل القعادة كانت أيام السعادة والجميع في سرور”، وبعد فراغهم من العمل يتم وضع الشوك فوق ذلك الكرسي حتى لا يجلس عليه أحد، وتتم إزالة الأشواك عند وصول الحاج إلى منزله ولا يجلس عليه سواه.
ويضيف: “أيضًا كانت هناك طقوس وهي طقوس التبشير بقدوم الحجاج عبر شخص يدعى المبشر وهو الذي ينتظر الحجاج على الطريق وينطلق ليخبر الآخرين بموقعهم، وكانت هناك أهازيج لتشجيع المبشر ليأتي بالخبر اليقين، ومنها: “يا مبشر فك ساقك لا تقيل في حلي البشارة عندنا ضمد وإلا ساحلي”، ويقصد بهذا هو أن يستعجل المبشر بالسير وإنه سيحصل على مكافأة التبشير بقدوم الحجاج أداة حرث “ضمد” أو جمل ساحلي.
ويؤكد الشيخ علي المش في حديثه لـ”سبق”، أن الحجاج كانوا يعودون بحصيلة علمية واسعة وينشرونها بين الناس وكان المداومون على الحج آنذاك أشهر الناس في نشر العلم بالمنطقة على الرغم من المعاناة والمشقة والتعب، ولكن الآن وبحمد الله تغير الحال للأفضل ومدت الطرق والجسور وتسهلت رحلة الحج كثيرًا ونحمد الله على ذلك.