يوماً بعد آخر، يزداد وضع اليمنيين بؤساً، وذلك بعد موجة الغلاء، التي تجتاح العالم، إضافة إلى حالة الحرب الدائمة في البلد، والتي هي الأخرى زادت من مظاهر الانقسام والفوضى.
وواصلت في الأيام القليلة الماضية العملة اليمنية من انهيارها، بعد معاودة الدولار للصعود، بشكل متسارع لتصل قيمته إلى أكثر من 1120 ريالاً للدولار الواحد.
وضعٌ لا يسر القريب، أي المملكة، والإمارات، اللتين أخذتا على عاتقهما نصرة هذا الشعب، الذي كان ضحية لألاعيب إيران والتي لا تستهد اليمن فقط، بل المنطقة، سواء من خلال فكر التطرف أو تغذية الحروب وصولاً إلى ترويج وبيع المخدرات، وقصتنا مع المخدرات في المملكة أليمة والتي تصل من دول لطهران حضور كبير فيها.
ومع أن الموقف التاريخي لقيادة المملكة، ممثلة بالملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده، وذلك بتشكيل التحالف العربي، أو ما عرفت بعاصفة الحزم يظل موقفاً خالداً للعرب واليمنيين، وذلك لصد ذراع إيران، مليشيا الحوثي التي وصل تهديدها من خلال الطائرات المسيرة والصواريخ الإيرانية إلى مصادر الطاقة في المملكة، إلا أنه يحتاج خطوات أخرى اقتصادية تغني ذلك الشعب الصبر من جوع.
كما أن مواقف المملكة مستمرة، والتي توّجت بتسهيل نقل للسلطة وتشكيل مجلس رئاسي من القوى اليمنية المناهضة للحوثي في أبريل الماضي، إلا أن الوديعة المالية التي وعدت بها السعودية والإمارات في ذات الشهر ما زالت في الانتظار في حين أن الأسعار تلهب اليمنيين، فلم يتغير الأمر إلا الأسوأ.
حيث مرت إلى اليوم ثلاثة أشهر من الإعلان عن الوديعة، ورغم تنفيذ الإصلاحات الإدارية، التي يعلن عنها المجلس الرئاسي اليمني بين الحين والآخر، إلا أن دعم الرياض والإمارات لم يصل بعد مما ينذر الوضع بالكارثة، والعودة إلى مربع الصفر في هذا البلد المنهك.
ووعدت كلٌ من الدولتين بتقديم ما يقارب من مليارَي دولار إضافة إلى مساعدات نفطية ومشاريع تنموية بما توازي مليار دولار، وكانت الحكومة اليمنية قد قالت حينها إن هذه الوديعة، ستعمل في الحد من تدهور العملة اليمنية بقيمتها أمام العملات الأجنبية، بعدما انخفضت قوتها الشرائية بشكل حاد.
إلا أن التدهور هو المستمر، بينما الوديعة ما زالت في خانة الوعود، أو الخطط غير المحسوبة لمحمد بن سلمان ومحمد بن زائد رئيس دولة الإمارات، وهو يؤكده ما يحدث على الأرض من ترد اقتصادي واضح نال من كل اليمنيين، إلا أنه فتح آفاقاً جديدة للحوثيين التي استغلت الهدنة الإنسانية التي توصلت لها الأمم المتحدة مع الفرقاء اليمنيين، وذلك باستغلال ميناء الحديدة مجاناً بإضافته كمورد آخر يغذي حربها وتصعيدها وخروقاتها للهدنة.
لا أسباب واضحة لتأخر الوديعة، كما أن الحكومة اليمنية وجدت نفسها أمام تحديات أكبر، في ظل استمرار الأزمة الاقتصادية بسبب حرب أوكرانيا، ما دفعها لدعوة البنك الدولي إلى دعم القطاع المصرفي وقطاع الكهرباء والطاقة للتخفيف من معاناة اليمنيين.
ومؤخراً وللخروج من مرحلة الانتظار للوديعة، على الرغم من أن الحكومة اليمنية لا يمكنها الاستغناء عن المملكة والإمارات حتى سنوات قادمة، إلا أنها تحركت في أروقة البنك الدولي للبحث عن تمويلات تقيها من عثراتها وتمنع عنها غضب الشعب الذي بدأ يستعر في كل محافظات اليمن الشقيق بلا استثناء.
وما يبحث عنه المسؤولون في اليمن هي التمويلات التي يمكنها تحقيق الأمن الغذائي بالدرجة الرئيسة، إضافة إلى الحلول العاجلة بما يخص قطاعات متعددة منها الكهرباء.
وتدعو حكومة اليمن في كل لقاءاتها الأخيرة وهي دعوات تبدو وكأنها الثقة لم تعد كاملة بوعود بن سلمان وبن زايد، تدعو الدول الشقيقة والصديقة وشركاء اليمن من الصناديق والجهات المانحة والممولة لمساندة الجهود الحكومية في التغلب على تحديات قطاع الطاقة وتوفير الكهرباء وتخفيف معاناة أبناء الشعب من مختلف فئات وشرائح المجتمع.
وناقشت الحكومة اليمنية، في (23 يونيو 2022)، آلية تسريع الدعم الخليجي للبنك المركزي بعدن، والإجراءات المتخذة على مستوى السياسات النقدية والمالية، ومنها آلية تسريع الدعم الخليجي المعلن عنه تحت إدارة صندوق النقد العربي والمخصص لدعم البنك المركزي اليمني بعدن، وكذلك الدعم المقدم من المؤسسات المالية الدولية المخصص لاستقرار الصرف والتحكم في الأسعار.