تقارير وتحليلاتمقالات مميزة
أخر الأخبار

هل يغير تحرير سوريا المعادلة داخل السعودية؟ قراءة في المستقبل القريب

شهدت سوريا مؤخرًا تحولًا جذريًا في مسار الصراع القائم منذ سنوات، حيث نجح الإسلاميون في تحقيق تحرير ونصر شامل للدولة السورية ،  هذا الإنجاز، الذي يُعتبر انتصارًا لقوى إسلامية مقاومة، يحمل انعكاسات استراتيجية ليس فقط على الساحة السورية، بل على المنطقة بأكملها ، وقد أثار هذا الحدث سلسلة من ردود الفعل داخل الدول العربية، أبرزها المملكة العربية السعودية، التي سارعت خلال أسبوع واحد  فقط من تحرير سوريا للإفراج عن عدد من المعتقلين الإسلاميين البارزين، وهم : مالك الأحمد، محمد الهبدان، ومحمد الخضيري، بالإضافة إلى تقارير عن إطلاق سراح عدد كبير من الشباب الذين حُكم عليهم بعقوبات طويلة بسبب تغريدات. 

محمد بن سلمان يجسد نموذجًا استثنائيًا لما يُعرف بـ”الرباعي المظلم”، حيث تجمع شخصيته بين السايكوباثية والنرجسية والميكافيلية، مع السادية. فهو شخص يخلو من التعاطف والرحمة، مندفع في قراراته بلا حساب، يفتقر إلى الندم، ويعيش بوهم العظمة متوقعًا الثناء المستمر من الآخرين . 

مصلحته الشخصية هي مقياسه الوحيد للأحداث والقرارات، مما يجعله غير مكترث بمصالح المحيطين به، حتى لو كانوا من أقرب الناس إليه ، والأخطر أنه يتلذذ بمعاناة الآخرين ويستخدم سلطته لتحقيق ذلك بلا تردد.

مع اجتماع هذه السمات في شخصية تملك السلطة والمال بشكل مطلق، يصبح الشعب بأكمله ضحية محتملة لسياساته المتهورة ، مقربوه يدركون هذه الحقائق، لكنهم يجدون أنفسهم عاجزين عن التصدي لتصرفاته، التي تحمل في طياتها دمارًا شاملاً لكل من يقف في طريق طموحاته.

يدرك النظام السعودي أن المجتمع السعودي ما زال يحمل في داخله تعاطفًا كبيرًا مع تيار الصحوة ورموزه، خاصة وأن هذا التيار يُنظر إليه على أنه تيار  وطني إصلاحي ذو  طابع سلمي ومدني ، كما أن الأجهزة الأمنية تمتلك معرفة بواقع هذا التيار من العهود السابقة وأنه مسالم وليس لديه طموحات سياسية ، مما يجعل النظام قادرًا على تقدير حجم تأثيرها وكيفية التعامل معها، وفقًا للأوضاع الداخلية والتغيرات الإقليمية ، بناءً على ذلك، تتشكل عدة سيناريوهات محتملة في طريقة تعامل النظام مع تيار الصحوة بعد تحرير سوريا.

السيناريو الأول: استغلال المعتقلين كأداة دعائية لتحسين صورة النظام

وصف السيناريو:

قد يسعى محمد بن سلمان إلى استثمار الإفراج عن عدد من المعتقلين كخطوة لتحسين صورته داخليًا وخارجيًا ، سيُصوّر هذا الإفراج كإصلاح سياسي أو انفتاح على التيار الإسلامي.

فرص التحقق:

  • مرتفعة إذا: احتاج النظام السعودي إلى تهدئة الشارع أو تحسين صورته في ظل ضغوط دولية وإقليمية.
  • منخفضة إذا: رأى النظام أن التيار الصحوي يمثل تهديدًا سياسيًا وجوديًا.

السيناريو الثاني: تصعيد القمع لضمان السيطرة

وصف السيناريو:

يتجه النظام إلى تكثيف القمع، خاصة تجاه الأصوات التي قد ترى في تحرير سوريا فرصة لإعادة إحياء الصحوة أو تعزيز تأثير الإسلاميين في السعودية. يمكن أن يشمل ذلك إعادة اعتقال رموز أُفرج عنهم مؤخرًا وتشديد المراقبة على التيار الإسلامي.

فرص التحقق:

  • مرتفعة إذا: استشعر النظام خطرًا حقيقيًا من التعاطف الشعبي مع انتصارات الإسلاميين في سوريا.
  • منخفضة إذا: أدرك النظام أن التصعيد المفرط قد يؤدي إلى ردة فعل شعبية غير محسوبة.


السيناريو الثالث: المناورة بين القمع والاحتواء

وصف السيناريو:

يوازن النظام السعودي بين إطلاق سراح بعض الشخصيات لاحتواء الغضب الشعبي، وبين استمرار التضييق على أي نشاط سياسي أو اجتماعي للصحوة. ستُستخدم هذه المناورة لتعزيز فكرة أن الدولة تتحكم تمامًا في المشهد السياسي دون السماح بنفوذ كبير للصحوة.

فرص التحقق:

  • مرتفعة إذا: أراد النظام تجنب المواجهة الشاملة مع التيار الصحوي، مع الاحتفاظ بقبضة أمنية صارمة.
  • منخفضة إذا: فقد النظام السيطرة على الرأي العام بسبب الأوضاع الإقليمية المتوترة.
  1. التخطيط الاستراتيجي والعمل الجماعي:يجب على تيار الصحوة التخلي عن الفردية وتوحيد الصفوف للعمل ككتلة متماسكة في مواجهة التحديات، مع تجنب المواجهة المباشرة غير المحسوبة مع النظام.
  2. إحياء الخطاب الإصلاحي الشعبي:تعزيز خطاب يعتمد على القيم الإسلامية والعدالة الاجتماعية، بعيدًا عن اللغة التصادمية، بهدف كسب تأييد شعبي واسع يعيد للصحوة مكانتها.
  3. الاستفادة من الرمزية الإقليمية:التركيز على إبراز الانتصارات الإسلامية في سوريا كدليل على نجاح الخطاب الإسلامي المقاوم . 
  4. تعزيز العمل الإعلامي:إطلاق منصات إعلامية قوية واحترافية تسلط الضوء على أهداف الصحوة، وتقدم سردية بديلة بعيدًا عن الروايات التي يروجها النظام.
  5. بناء شبكة علاقات إقليمية:التواصل مع القوى الإسلامية المنتصرة في سوريا، والاستفادة من تجاربهم في تجاوز العقبات، مع دعم متبادل يعزز من فرص النجاح للطرفين.
  6. الحفاظ على نهج سلمي مرن:تجنب الاستفزاز المباشر للنظام مع التركيز على تقديم مشروع إصلاحي واضح المعالم، يهدف إلى حماية الحقوق والدفع نحو التغيير التدريجي.

تحرير سوريا يمثل لحظة تاريخية قد تُعيد تشكيل المنطقة بأكملها، وعلى تيار الصحوة أن يدرك الفرصة الاستثنائية المتمثلة في هذا الظرف. التعامل بحكمة ومرونة، مع الاستعداد لأي سيناريو محتمل، سيكون مفتاح النجاح في المرحلة المقبلة.

زر الذهاب إلى الأعلى