رغبة في زيادة الرقعة الخضراء ومكافحة التصحر وتأهيل مواقع الغطاء النباتي المتدهورة والحد من الممارسات السلبية، أُطلقت في المملكة العربية السعودية عدة مبادرات مجتمعية تهدف إلى تشجيع المجتمع على المشاركة في مكافحة التصحر.
وتعد السعودية ومعظم الدول العربية ضمن المناطق القاحلة ذات الأنظمة البيئية الهشة بحكم موقعها الجغرافي، نظرا لارتفاع درجات الحرارة وتذبذب كمية الأمطار؛ مما أسهم في تزايد الآثار السلبية لهذه الظاهرة، ودفع البلاد إلى البحث عن طرق لمقاومة هذه العوامل عبر مبادرات تستهدف -في مجملها- زراعة 10 مليارات شجرة في المملكة لتحقيق التوازن البيئي.
وتستهدف المبادرات السعودية -ومن أهمها “السعودية الخضراء” و”لنجعلها خضراء” و”الشرق الأوسط الأخضر”- تنمية الغطاء النباتي والحد من آثار التصحر واستعادة التنوع الأحيائي في البيئات الطبيعية وتشجيع المشاركات المجتمعية على المحافظة على الغطاء النباتي وتعزيز السلوكيات الإيجابية والممارسات السلمية للمحافظة على بيئة المواطن.
وفي اليوم العالمي لمكافحة التصحر والجفاف، نظم المركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر في السعودية فعالية “النهوض من الجفاف معا”، بهدف التعريف بالتصحر والجفاف، وتعزيز الوعي العام به، ومناقشة آثاره ودور التقنيات الحديثة في مكافحته، وذلك بمشاركة 25 خبيرا ومهتما بالمجال البيئي من عدد من الجهات والمنظمات المحلية والعالمية.
آثار وخيمة
استعرض المتحدثون في الفعالية تفشي ظاهرة الجفاف والتصحر عالميا والآثار الوخيمة لها، مثل انخفاض معدل خصوبة التربة، وانحسار مساحات الغطاء النباتي، وزيادة معدلات الاحترار العالمي، مع تأكيد أهمية تضافر الجهود الدولية للتصدي والمواجهة والتخفيف من حدة تلك الآثار قدر الإمكان، عبر إطلاق مبادرات التشجير العالمية.
وأكد المشاركون في الفعالية ضرورة إنشاء منصة للإدارة المستدامة للأراضي في المملكة، بهدف تنسيق الجهود على مستوى الإدارة المستدامة للأراضي، والإدارة الفعالة لحالات الجفاف، حتى يتم رصد الآثار البيئية العاجلة لمواجهة التصحر والجفاف.
وكشف مدير الإدارة العامة للتنوع النباتي ومكافحة التصحر في السعودية، عبد الله البريك، عن أن الشراكة المجتمعية مع الأفراد والمنظمات الأهلية أدت إلى زراعة أكثر من 11 مليون شجرة في أقل من عامين، فضلا عن وجود 67 ألف متطوع للمشاركة في دعم الغطاء النباتي.
مبادرات عديدة
وأكد البريك أن المركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر لديه مشاريع تنموية في مجال الحفاظ على الغطاء النباتي تبلغ أكثر من 155 مشروعا بتكلفة تجاوزت 1.5 مليار ريال سعودي (400 مليون دولار)، فضلا عن وجود 73 مشروعا تحت الطرح حاليا، لافتا إلى وجود 8 مبادرات مليارية في مجال زيادة الغطاء النباتي في البلاد وإعادة تأهيل الأراضي التي تعرضت للحرائق أو الإتلاف.
ويعدد المركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر فوائد التشجير في تلطيف الطقس، وتحسين جودة التربة ومنع انجرافها، ووقف زحف الرمال والحد من العواصف الغبارية، وتحسين استدامة المياه السطحية والجوفية، وتعزيز التكيف مع التغير المناخي عبر الإسهام في خلق مخزون طبيعي للكربون، فضلا عن فوائد اقتصادية تتركز في تعزيز السياحة البيئية، وتوفير فرص وظيفية للمجتمع المحلي والمنتجات الغذائية والطبية والدوائية والعطرية.
وحذر المركز من بعض الممارسات التي تزيد من مخاطر التصحر في مختلف البيئات، موضحا أن هناك عدة عوامل طبيعية تؤدي إلى زيادة التصحر، منها العواصف الترابية، وقلة الأمطار، وتغلغل الرمال.
وأشار المركز كذلك إلى بعض العوامل البشرية التي تقلل من المساحات الخضراء؛ ومن أهمها الرعي الجائر، والزحف العمراني، وقطع الأشجار، والممارسات الزراعية السيئة.
10 مليارات شجرة
تعد مبادرة زراعة 10 مليارات شجرة في السعودية خلال العقود المقبلة من أهم المبادرات التي طرحت في البلاد كونها تعادل إعادة تأهيل نحو 40 مليون هكتار من الأراضي المتدهورة، مما يعني زيادة في المساحة المغطاة بالأشجار الحالية إلى 12 ضعفا، وتمثل مساهمة المملكة بأكثر من 4% في تحقيق مستهدفات المبادرة العالمية للحد من تدهور الأراضي، و1% من المستهدف العالمي لزراعة تريليون شجرة في العالم.
كما يجري العمل على رفع نسبة المناطق المحمية إلى أكثر من 30% من مساحة أراضي السعودية التي تقدر بـ600 ألف كيلومتر مربع، لتتجاوز المستهدف العالمي الحالي بحماية 17% من أراضي كل دولة، إضافة إلى عدد من المبادرات لحماية البيئة البحرية والساحلية.
وتستهدف المبادرة أيضا التعاون بين مجلس التعاون لدول الخليج العربية والشرق الأوسط، وتسعى بالشراكة مع دول المنطقة لزراعة 40 مليار شجرة إضافية في الشرق الأوسط، وهو أكبر برنامج إعادة تشجير في العالم.