ماذا قالت وزارة الموارد البشرية؟
مرزوق بن تنباك
في المجتمع الجديد مجتمع الشباب بنوعيه الرجال والنساء برزت على السطح ظاهرتان لا يجب أن تمرا دون دراسات متعمقة وموسعة تتناول أسباب هاتين الظاهرتين وتبحث في أبعادهما الاجتماعية، وما يترتب عليهما من نتائج شديدة الاتصال بحياة المجتمع وعلاقاته العائلية وهما:
الأولى: العزوف عن الزواج عند الجنسين، والظاهرة الثانية: وهي الأخطر ما يحدث بعد الزواج من الانفصال والطلاق والخلع وغيرها من الأسباب.وقد اطلعت على إحصائية أوردها الناشط الاجتماعي مخلف دهام الشمري ونقلها عن إحصاء موثق فيما أظن جاء فيها: أن العام الماضي وحده 1443هـ تم فيه 77,512 حالة زواج ولم يصمد من هذا العدد سوى ما يقارب 9 آلاف.
وإن صحت هذه الإحصائية وهذه النسبة من الانفصال فإن الأمر لا يمكن السكوت عليه، ولا يمكن تجاهل نتائجه الكارثية على المجتمع في كل طبقاته ومستوياته، والسرعة في الالتفات إليه وعلاجه واجب وطني على الجميع، ومسؤولية مباشرة على الجهات ذات العلاقة سواء الرسمية المكلفة بذلك أو جمعيات المجتمع المدني العاملة في القطاع الخاص والعام.ولا شك أن هذه الظاهرة قد لفتت أنظار علماء الاجتماع في جامعاتنا الموقرة المنتشرة في جميع مناطق المملكة، وأن هؤلاء المتخصصين قد قاموا بدراسات وبحوث طويلة ناقشوا فيها ما حدث وإن كنا نحن البعيدين عن الاختصاص لا نعرف ماذا كانت النتائج التي يتوصلون إليها ولا تصلنا أخبارها وقد لا تتجاوز أدراج الباحثين، لكن من شبه المؤكد أن أقسام الدراسات الاجتماعية لن تتجاهل هذه الظواهر والبحث عن عللها وحلول لها.
والمهتمون في الشأن العام للمجتمع الشاب الذي بدأ التحول عليه وعلى علاقاته وأعماله يلاحظون ما جد في حياته من تطور مهم ومؤثر خلال السنوات الماضية، حيث فتح المجال للجنسين بالعمل المشترك وقامت العلاقات بينهم في كثير من التقابل والتوافق، وطرأ العامل المادي على حياتهم ولا سيما حياة الشابات حين حصلن على الاستقلال المادي من عائد العمل والاتصال المباشر بالشباب وما يتعلق بعد ذلك من علاقات سريعة قد تنتهي بالزواج.
وهذا العامل المادي والاستقلال الاقتصادي من أهم ما يؤثر في العلاقات بين الناس ولا سيما العلاقات الزوجية المشتركة ولا يمكن إغفاله أو تجاهل مفعوله وما يترتب عليه بعد ذلك من مشكلات بين الطرفين قد تكون سببا فيما يحصل من خلافات يستمر حولها الجدل حتى تنتهي بالفراق والتباعد أو الانفصال التام الذي لا رجعة فيه بينهما.
ولا شك أن هناك حلولا كثيرة ومعالجات يجب أن تكون موسعة تبدأ بدراسة الظاهرة وأسبابها المباشرة وغير المباشرة ومدى انتشارها وتمددها في طبقات المجتمع وأي الطبقات الثلاث المعروفة في المجتمع تكون الظاهرة فيها أكثر شيوعا وانتشارا، وبعد ذلك معالجتها والتخفيف من حدتها أو القضاء عليها إن أمكن، ولكن هذه الأمور يجب أن تبدأ أولا بعمل مؤسسي ينطلق من الموارد البشرية المسؤولة وأن تبدأ في كل حي من أحياء المدن بموظفين وموظفات أكفاء مؤهلين متخصصين في الشأن الاجتماعي والرعاية الأسرية يقيم في كل حي مجموعة منهم في مكاتب مخصصة لهم ويتعرفون على الحي ومشكلاته وسكانه وأوضاعهم المادية والاجتماعية ويقدمون دراسة واقعية عن كل أسرة. كما هو الحال في كل أنحاء العالم.
ثانيا: تأسيس المراكز التي يقدم المختصون والمختصات فيها النصائح والدراسات والإرشاد الأولي للشباب من الجنسين قبل الزواج وبعده، ومحاولة حل الخلافات إذا حدثت قبل استفحالها واستحكام المشكلات بينهما، وأخطر من الطلاق وإن كان خطره كبيرا ما يترتب عليه من نتائج لها ما بعدها على الناس والمجتمع وضحاياها هم الأطفال ومستقبلهم الذين يتنازعهم الوالدان إذا حدث الطلاق فيعيشون مشتتين بينهما، ولا يمكن أن يعيشوا حياة مستقرة وتربية متسقة ووالديهما في تنازع وشقاق دائم.
ـعن صحيفة مكة