لماذا يشربون الكحول؟!
تاه عن طريق السعادة والراحة والبهجة.. يريد أن يجد مستوى أعلى من الحد الطبيعي للفرح. لم يتعلم مهارة استخراج السعادة من كل موقف يعيشه في حياته. ضاعت منه مفاتيح أبواب الحياة السوية الحقيقية؛ فاتجه إلى نار الكحول، واتخذ منها وسيلة لتغيير مزاجه.
ركبتُ مع مجموعة من الزملاء قاربًا في المسار المائي الجديد في المنامة، الذي أطلقوا عليه (بحرين B)، وتذكرنا مواقف سابقة لنا. ضحكنا سوية، واستمتعنا بالمكان والرفقة الرائعة، وكان يحيط بنا ابتسامات وفرح، شعر بها بعض من المتجهمين الموجودين على القارب. اقترب أحدهم مني أثناء نزولنا، وقال -أكرمكم الله جميعا- Are u drunk!! فابتسمت وقلت: لماذا؟ فأجاب بأسلوب ساخر، وذكر أن الضحك دليل على وضع غير طبيعي! أخبرته بأن محفزات الفرح والضحك والابتسامة لدينا -بفضل الله- مصدرها طبيعي وتلقائي. غادر وعلامات عدم التصديق على وجهه.
أدركت بعد هذا الموقف العابر أن هناك مَن يتجه للكحول بحثًا عن المتعة والضحك.. وعلمت أن هناك معاناة كبيرة، يواجهها الكثير في حياته بسبب هذا الأمر. يعلم يقينًا أن شرب الكحول محرَّم في شريعتنا الإسلامية؛ فيشعر بالذنب والألم بعد كل كأس.. يصرف أمواله ومقدراته على متعة وقتية زائلة.. يعاني من اضطرابات المزاج مع كل من حوله بسبب هذه المشروبات الخبيثة -أعاذنا الله وإياكم منها-. يخشى في كل موقف أن يتم اكتشافه من قِبل الجهات الرسمية؛ فيعيش حياة كلها خوف وحذر وترقب سلبي. إن كان متزوجًا، ولديه أطفال، زادت مشاكله، ويعلم أنهم يعلمون عن حاله السيئ، ويمثلون بأنهم لا يعلمون. تصرفاته ورائحته النتنة تكشفان البلاء الذي يواجهه.
أكتب هذا المقال لثلاثة أسباب: أولاً لأذكِّر الجميع بأن هناك تقنيات وأعمالاً تجذب لك الفرح والسعادة والضحك.. من خلال نفسك وأسرتك وأقاربك وأصدقائك وزملائك والمواقف التي تواجهها في حياتك. ولعلي أخصص مقالاً لتلك التقنيات الجاذبة للضحك والسعادة.
ثانيًا: من أجل دعوة كل مَن يعاني من شرب الكحول لأخبره بأن طريق الخروج سهل وميسر وممكن شريطة وجود العزيمة والرغبة والإرادة القوية. تذكَّر أن مستوى مزاجك يمكن أن يرتفع بأحاديث خاصة من الذكريات مع زوجتك أو أحد المقربين منك، واعلم أن من ترك شيئًا لله عوَّضه الله خيرًا منه.
ثالثًا: لأحذر كل مَن اقترب من غابة الكحول وطرقها السيئة، وما زال يشاهد ويراقب ولم يرفع الكأس الأول، فأقول له: احذر كل الحذر من حفرة التجربة الأولى التي قد تبقى فيها -والعياذ بالله- مدى الحياة. كن قويًّا على نفسك، ولا تجعل فضول التجربة يقودك إلى خسارة الدنيا والآخرة. لا تسمح لنفسك بالحديث عن أمر تجربة الكحول؛ لأن حديث نفس قد يصل بالإنسان للممارسة، وبعدها الإدمان. داوم على الأذكار والدعاء حتى يحفظك الله، ويدفع عنك كل سوء. تذكَّر أن هناك وسائل متعددة في الحياة، تجعلك سعيدًا ومرتاح البال.