كيف يكون النظر إلى المسائل الشرعية الخلافية؟
د.عبدالكريم الخضير
أولًا: يُنظر في هذه المسألة وتُتصوَّر المسألة بدقة؛ لأن الحكم على الشيء فرع عن تصوره، ثم يُنظر في أقوال العلماء في هذه المسألة بعد حصر أقوالهم، ثم يُنظر في أدلة كل قول منها، ويُوازن بين هذه الأدلة بعد النظر في ثبوتها على طريقة أهل العلم في قواعد التعارض والترجيح، فيُحكم للقول الراجح بسبب قوة دليله بأنه هو الراجح المعمول به، وما عداه يكون مرجوحًا لا يُعمل به في مقابل الراجح.
يقول: (ومتى يُصار إلى القول المرجوح؟) يقول أهل العلم: قد يُحتاج أحيانًا إلى القول المرجوح بسبب ظرف معين بأن احتِيج إليه في مكان معين أو زمن معين تبعًا للمصالح المترتبة عليه أو المفاسد المترتبة على مقابله، فأهل العلم أحيانًا يترجح لهم قول بدليله لكن قد يكون العمل بهذا القول الراجح في هذا الظرف المعين في هذا المكان في هذا الزمان بعينه غير مناسب.
ولا شك أن مراعاة المصالح والمفاسد مما جاءت به الشريعة، وحينئذٍ يُعاد النظر في الترجيح، فقد يكون المرجوح في زمنٍ راجحًا في زمنٍ آخر، هذا ما أشار إليه بعض أهل العلم، ولا يكون مرجوحًا إذا اقتضى النظر العمل لهذه الأسباب وهذه المبررات، ولا يعني هذا أن من لا يُعجبه قولًا من أقوال أهل العلم وهو في الحقيقة راجح على غيره من الأقوال أنَّه يُطبِّق مثل هذا الكلام عليه. ويبقى أنَّ الأصل هو العمل بالراجح وترك المرجوح، وعلى نطاقٍ ضيقٍ جدًّا كما ذكر بعض أهل العلم أنه قد يصار إلى القول المرجوح إذا ترتبت عليه المصالح أو ترتب على غيره مفاسد ولو بحسب النظر، وقد يختلف اجتهاد المجتهد لا سيما إذا لم يكن في المسألة دليل ونص صحيح صريح، بل كان مبنى الترجيح على الاجتهاد المحض، فقد يترجح ما يخالفه ويتغير الاجتهاد حينئذٍ.