عودة علاقة المملكة مع إيران بعد أعوام من الصراع.. انتصار أم هزيمة؟
بعد سنوات طوال من القطيعة والصراع في أكثر من ملف، مع تبادل اتهامات، بدت العلاقة السعودية الإيرانية، أكثر قرباً من أي وقت مضى.
من المنتصر..؟
ففي الوقت الذي ترى إيران نفسها أنها خرجت منتصرة، كالحرب في اليمن، التي تراوح مكانها وما زال التهديد قائماً جنوب المملكة، والمتمثل بالحوثي، الذراع الإيرانية الأخطر، إلا أنها تقول إن عودة العلاقة مع المملكة ممكنة.
بينما تخطو المملكة نحو انتهاج سياسة خاصة بها بناء على مصالحها، لا ما يتوافق مع السياسة الأمريكية في المنطقة، ووفقاً للتطورات التي تشهدها أكثر من منطقة في العالم، يتطلب منها تسوية عديد ملفات، وأولها الحرب في اليمن، والعلاقة مع إيران، وإنهاء أي بؤر للتور في المنطقة.
واليوم أعلن الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، مشيراً إلى أن بلاده تواصل العمل على تصحيح العلاقات مع دول الجوار.
ويؤكد أيضاً أهمية الحوار بين إيران ودول المنطقة، مصرحا بأن العلاقات بين بلاده والمملكة العربية السعودية يمكن أن تعود إذا نفذت الرياض “بعض النقاط التي تعهدت بها” خلال محادثات بغداد، حد تعبيره.
وقال “شهدنا زيادة بمقدار 5 أضعاف في مستوى التفاعل مع دول المنطقة، وأكدنا ضرورة الحوار مع هذه الدول بعيدا عن التدخل الأجنبي”، وفقا لما نقلته وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية (إرنا).
خمس جولات
وعن جوالات المحادثات مع المملكة قال رئيسي: “أجرينا 5 جولات من المحادثات مع السعودية، وإذا التزمت الأخيرة بتعهداتها ستتعزز العلاقات الثنائية”، دون توضيح عن ماهية التعهدات.
ورغم أنه يتحدث عن عودة العلاقة مع السعودية، إلا أنه يصف ما يحدث في اليمن، بأنه عدوان، قائلاً “أقدم التحية والسلام للشعب اليمني الصامد الذي يواجه العدوان، وإننا ندعم أي وقف لإطلاق النار يضمن أمن اليمن ومصالح شعبه ويسمح له بأن يقرر مصيره”.
إرادة البلدين
وفي وقت سابق اليوم قالت وزارة الخارجية الإيرانية، لإن الإرادة السياسية لكل من إيران والسعودية، تدفعهما إلى إعادة العلاقات بينهما.
جاء ذلك على لسان المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، ناصر كنعاني، الذي قال “لدينا قواسم مشتركة مع السعودية والمحادثات معها من أجل عودة العلاقات، والأمور تسير بشكل إيجابي”.
وأضاف أن “المفاوضات بين طهران والرياض إيجابية وتسير بشكل إيجابي لكن العلاقات لا تأتي بين ليلة وضحاها”، وفقا لوكالة “سبوتنيك” الروسية.
وتابع الدبلوماسي الإيراني أن “الإرادة السياسية في طهران والرياض تدفع في إطار عودة العلاقات السياسية بيننا وبين السعودية”.
والملاحظ أن المملكة ولتفادي ما لا يحمد عقباه، ترى في عودة العلاقات، مكاسب كبيرة، ولتعويض ما ستخسره من الانسحاب الأمريكي من المنطقة.
الاتفاق النووي
وزاد من مخاوف المملكة وصول مفاوضات إحياء الاتفاق النووي لمراحل حاسمة في ظل الإشارات الأمريكية بشأن إزالة الحرس الثوري من قائمة الإرهاب الأمريكية، بالإضافة إلى إلغاء العقوبات الاقتصادية على قطاعي النفط والمصارف الإيرانية.
وهو ما جعل دول الخليج مجتمعة، ومن بينها المملكة إلى إعادة صياغة معادلة أمنية جديدة لضمان أمنها في مقابل الانسحاب الأمريكي من المنطقة وتخفيض مستوى التزام واشنطن تجاه أمن حلفائها بالخليج.
فكل خطوة يتم التقدم بها نحو إنهاء الملفات العالقة بين واشنطن وإيران لإحياء الاتفاق تسارع خطى السعودية عبر عدد من المسارات، وذلك لاحتواء التداعيات التي سيخلفها إتمام الاتفاق.
الاتجاه المباشر لإيران
ويحسب للسعودية أنها اتجهت للحوار المباشر مع إيران، بدلاً من كل الجهود والكلفة الخاصة بالاحتماء من تحركاتها، إذ فتحت الحوار بوساطة عراقية عمانية على مدار خمس جولات، كان آخرها منتصف أغسطس الجاري بالعاصمة العراقية.
بداية القطيعة
وفي 2016 أعلنت الرياض قطع علاقاتها مع إيران على وقع تصاعد الأزمة بين البلدين إثر إعدام السلطات السعودية لرجل الدين الشيعي نمر النمر، وما تبع ذلك من مهاجمة متظاهرين إيرانيين للسفارة والقنصلية السعوديتين في إيران.
ومنذ ذلك الحين تصاعد التوتر بين السعودية وإيران وتزايدت حدة الخلافات بينهما في كافة القضايا الإقليمية. خاصة في اليمن وسوريا ولبنان.
وفي وقت سابق عبّر ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان عن أمله في أن تؤدي المحادثات مع إيران إلى نتائج ملموسة لبناء الثقة وإحياء العلاقات الثنائية.