بدأ ضيوف الرحمن في التوافد إلى مشعر منى منذ مساء الأربعاء، ليشهدوا يوم التروية، حيث يستقر مليون حاجٍ، اليوم الخميس، في “منى” وسط استعدادات مكثفة ومستمرة للجهات الحكومية والخدمية كافة لتنفيذ خطة تصعيد الحجاج إلى المشعر.
ويحرم المتمتعون المتحللون من العمرة من أماكنهم سواء داخل مكة أو خارجها، حيث يبقى الحجاج بها إلى ما بعد بزوغ شمس 9 من ذي الحجة.
يتوجه الحجاج بعدها للوقوف بعرفة (الوقفة الكبرى)، ثم يعودون إليها بعد “النفرة” من عرفة والمبيت بمزدلفة لقضاء أيام (10 – 11 – 12 – 13)، ورمي الجمرات الثلاث (جمرة العقبة والجمرة الوسطى والجمرة الصغرى) إلا من تعجل.
ويقع مشعر منى بين مكة المكرمة ومشعر مزدلفة على بعد 7 ككيلمترات شمال شرقي المسجد الحرام، وهو حد من حدود الحرم تحيطه الجبال من الجهتين الشمالية والجنوبية، ولا يُسكَن إلا مدة الحج، ويحَدُّه من جهة مكة جمرة العقبة، ومن جهة مشعر مزدلفة وادي “محسر”.
ويستحب التوجه قبل الزوال- أي قبل الظهر- فيصلي بها الحجاج الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر قصراً للصلاة الرباعية وبدون جَمع، ولا فرق في ذلك بين أهل مكة المكرمة وغيرهم، والسُّنة أن يبيت الحاج في منى يوم التروية.
ومن الأعمال في هذا اليوم أن الحاج المُتمتع يُستحب أن يُحرم من مسكنه في ضُحى يوم التروية، وكذلك الأمر لِمن أراد أداء فريضة الحج من أهل مكة المكرمة.
ويقوم الحاج في يوم التروية بالاغتسال، والتطيّب، وبما قام به من أعمال عند إحرامه من الميقات، وعقد النيّة بالقلب، وترديد التلبية بقول: (لبَّيْكَ حجّاً).
وإن كان الحاج خائفاً من عائقٍ يمنعه من إتمام مناسك الحجّ، فإنّه يقول: (فإن حبَسَني حابس، فمحِلّي حيث حبَسْتني)، وإذا كان الحاجّ يحجّ عن غيره ينوي بقلبه، ثمّ يقول: (لبَّيْكَ حجّاً عن فلانٍ، أو عن فلانة)، ثمّ يستمرّ في التلبية قائلاً: (لبَّيْكَ اللَّهم لبَّيْكَ، لبَّيْكَ لا شريك لك لبَّيْكَ، إنّ الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك).
ويعد مشعر منى ذا مكانة تاريخية ودينية، به رمى نبي الله إبراهيم عليه السلام الجمار، وذبح فدي إسماعيل عليه السلام، ثم أكد النبي محمد- صلى الله عليه وسلم- هذا الفعل في حجة الوداع وحلق، واستن المسلمون بسنته يرمون الجمرات ويذبحون هديهم ويحلقون.
ويشتهر المشعر بمعالم تاريخية منها الشواخص الثلاث التي ترمى، وبه مسجد “الخيف”، الذي اشتق اسمه نسبة إلى ما انحدر عن غلظ الجبل وارتفع عن مسيل الماء، والواقع على السفح الجنوبي من جبل منى، وقريباً من الجمرة الصغرى.
ووفرت السعودية الخدمات الأمنية والطبية والتموينية ووسائل النقل للتسهيل على قاصدي بيت الله الحرام حجهم وأداء مناسكهم بروحانية وطمأنينة، مؤكدةً على الجهات الحكومية والخدمية أهمية السعي على تنفيذ كل ما من شأنه إنجاح مهامها في موسم الحج.