حاسبوهم.. قبل أن تُحاسَبوا!
ناصر الجديع
لا يمكن السكوت أكثر على ما يحدث للكرة السعودية والأندية السعودية من تشويه متكرر على يد أندية أمنت العقوبة فأجازت لنفسها العبث المالي والتعاقدي، و(فشلتنا) أمام الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) وأمام العالم الرياضي بشكل عام، وأصبح لزامًا بعد التقرير الموسمي الثالث الذي أصدره (الفيفا) باسم (تقرير الانضباط والأخلاق) وحضور اسم السعودية للمرة الثانية على التوالي في قائمة ترتيب أكثر الدول التي لا تحترم قرارات (الفيفا) أو محكمة (كاس) أن يتحرك كل من بيده الصلاحية وفي قلبه ذرة غيرة على سمعة الكرة السعودية، وأن يعيد النظر في الفوضى التي تحدث، وفي الصمت الغريب على ما تمارسه بعض الأندية السعودية من عبث يفسد كل جهود الدولة -حفظها الله- في تقديم الكرة السعودية والدوري السعودي للعالم كمنتج عالمي فاخر وجاذب لكل عشاق كرة القدم.
حين قرر (الفيفا) إصدار تقرير موسمي مفصل يكشف أداء لجانه القضائية الثلاث، ويفصل في القضايا التي تعاملت معها تلك اللجان أصدر تقريره الأول في يونيو 2020م، وأعلن قائمة بأكثر 10 دول لا تحترم قرارات الفيفا و(كاس) ولم تكن السعودية ضمن تلك القائمة؛ لكن المفاجأة أنها بعد عام واحد فقط اقتحمت القائمة فجأة، بل وتصدرتها بجدارة في التقرير الثاني الذي صدر في يوليو 2021 بـ51 قضية.
وبدلًا من أن يهز هذا الحدث كل مسؤول في اتحاد القدم ووزارة الرياضة ليعيد النظر ويفرض تحقيقًا عاجلًا فيما حدث، وكيف حدث، وكيف يمكن تجنب حدوثه مرة أخرى؛ تم السكوت واستمرت الطبطبة لتستمر المشكلة وتأتي السعودية بـ36 قضية في ثالث تقارير الفيفا الذي صدر قبل أيام كثالث دول العالم في قائمة أكثر الدول التي لا تحترم قرارات الفيفا و(كاس)!
يجب أن يتحرك اتحاد القدم السعودي وبالتنسيق مع وزارة الرياضة لمراجعة هذا الملف بحزم أكبر وصرامة أشد، ويجب أن تُحاسَب الأندية التي ساهمت بعبثها المالي وأدائها التعاقدي الفوضوي في إقحام اسم السعودية في هذه القوائم والتقارير التي أصدرها (الفيفا)، وكذلك النقابة الدولية للاعبي كرة القدم المحترفين (فيفبرو)؛ فالمسألة لا تتوقف عند تشويه سمعة الكرة السعودية والأندية السعودية، ولا في ارتفاع أجور اللاعبين والمدربين الأجانب بسبب فقدان الثقة في الأندية السعودية؛ بل قد يصل إلى ما هو أخطر من ذلك إن لم يتم الضرب بيدٍ من حديد على هؤلاء العابثين، وإيقاف هذا العبث بخطوات أكثر شفافية وأكثر صرامة تصل إلى كف أيدي هؤلاء، وإيقاف قدرتهم على مواصلة العبث عبر صفقات جديدة وعقودٍ جديدة ومشروعات قضايا قادمة تشوه سمعة الكرة السعودية أكثر.
ولا يجب أن نصمت أكثر ونتفرج أكثر وننتظر حتى يحدث هذا الأخطر، خصوصًا وأنَّ الفيفا سبق أن أصدر في مايو 2018 تعميمًا شديد اللهجة يحذر فيه الاتحادات المحلية من عدم الامتثال إلى نص المادة الـ64 من لائحة الانضباط في الفيفا، التي تتعلق بتنفيذ القرارات النهائية واجبة النفاذ الصادرة من اللجان القضائية أو محكمة (كاس)، وهدَّد الاتحادات المحلية المتهاونة من الاستبعاد من جميع المسابقات الرياضية التي تقع تحت مظلة الاتحاد الدولي؛ لذلك أقول: حاسبوهم قبل أن تُحاسَبوا، اتركوا المجاملات، وحاسبوهم قبل أن تقع الكارثة.
ـصحيفة الرياض