مصير مجهول لـ يتيمات خميس مشيط، كما أن سلطات المملكة المعنية بالأمر، وأولها إمارة منطقة عسير، ثم النيابة العامة، ما زالت تخفي نتائج التحقيقات التي ينتظرها السعوديون بفارغ الصبر، إما إنصافاً لنزيلات دار الرعاية الاجتماعية من اليتيمات، أو تأكيداً لثقة الكثير ممن عبر عن رأيه إبان الحادثة بقيادة المملكة.
وما يدفع إلى التساؤلات عن مصيرهن، ولماذا لا تخرج لجان التحقيق، لمصارحة الشعب عمّا جرى، استمرار الاستهجان للقضية، كونها لم تنته معالمها من الأذهان وأن وقعها ما زال شديد التأثير حتى اليوم.
إلا أنه لم يحدث شيء من ذلك، رغم مضي أكثر من 17 يوماً من الحادثة التي هزت المملكة، كونها جريمة غير مسبوقة، شوهد خلالها رجال الأمن ومعهم ملثمون ينهالون على اليتيمات ضرباً وسحباً على الأرض بطريقة مهينة، سبقه اقتحام للدار، وكأنه وكر عصابات، لا دار إيواء لنزيلات من المفترض إكرامهن، كما يقرر ذلك الشرع وتقره القوانين في المملكة.
الاقتحام حينها كما أوضحت إحدى النزيلات، والتي سربت المقاطع المصورة على وسائل التواصل الاجتماعي، كان على خلفية المطالبة بتحسين ظروف معيشتهن في الدار، ليتحول بعدها إلى دليل مرئي لحادثة لم تشهد مثلها السعودية من قبل، كما أعادت ملف حقوق الإنسان إلى الواجهة من جديد.
يتيمات خميس مشيط .. هل دفنت “القضية” لصالح الجلاد؟
ونظراً لما أحدثته من ردود أفعال محلية ودولية، كان ينتظر الإسراع في إنجاز التحقيقات بشأنها ومصارحة الرأي العام، بالإضافة إلى الاطمئنان على “اليتيمات”، وهو ما جعل معرفات على “تويتر” أن تعلن تخوف أصحابها عن مصيرهن، وهل دفنت قضيتهن في “رمال” المملكة تعبيراً عن إنهاء القضية كما يريد الأمن، والمسؤولون لا الضحايا وكل السعوديين.
وما يزيد التخوف عن مصير “الفتيات” اللاتي لا حول لهن ولا قوة، حيث أصبحن يواجهن وحدهن مصيراً مجهولاً مع ظل عدم السماح لمحامين مستقلين الترافع عنهن، هو هروب اثنتين منهن من الدار كما كشفت في وقت سابق وسائل إعلام محلية، لا يعرف المكان الذي اتجهن إليه.
يتيمات خميس مشيط: لا تنسونا
ورصد “السعودية اليوم” عدداً من التناولات الجديدة، التي تريد الكشف عن مصير الفتيات منها ما يعود لحسابات تزعم أنها ليتيمات، حيث طالب حساب كتب على معرّفه اسم “أمل” أصحاب الحسابات الوطنية المؤثرة أن لا تنس قضية أيتام خميس مشيط، حد تعبيره إضافة إلى مطالبة القنوات الإعلامية والمؤسسات الحقوقية والإنسانية، داخل المملكة أن لا تترك القضية.
وقالت إن إسبوعين مرا على الحادثة كأنها سنتين ونحن ننتظر الفرج، طلبنا الوحيد، لا تنسونا، لا تنسوا أخواتكم وبناتكم.
كأن شيئاً لم يحدث
أما “هودا” فكتبت “20 يوماً على حادثة أيتام خميس مشيط!! لا أحد منّا ولا اليتيمات أنفسهن يعرف ما هو مصيرهن”.
وأضافت “في أحد الحسابات ولا أعلم إذا كان هذا الحساب فعلا لواحدة منهن، ولكن جميع الكلام الذي تقوله منطقي. فهي تشتكي من سكوت السلطة، وأن الجميع يمارس عمله وكأن شيئا لم يحدث”.
إخفاء قسري لـ يتيمات خميس مشيط
إلى ذلك يرى الناشط “حمود أبو مسمار” أن الإخفاء لليتيمات قسرياً وعدم الكشف عن مصيرهن والسكوت على ما حدث لهن، جريمة خطيرة لا يمكن السكوت عنها.. مضيفاً أن الدولة بذلك تتستر على الفاسدين. ومطالباً من أسماهم بأحرار العالم للمشاركة في حملة لمعرفة مصيرهن وللضغط من أجل أنصافهن.
وأواخر أغسطس الماضي، تداول الناشطون والمواطنون من الجنسين مقاطع مصور وصور للحادثة التي وجدت استنكاراً كبيراً للمخالفات الشرعية والقانونية التي ارتكبت بحق اليتيمات.
وبعد تداول مقاطع الواقعة، أصدر أمير منطقة عسير، الأمير تركي بن طلال بن عبدالعزيز أمراً بتشكيل لجنة تحقيق للوقوف على ما تم تداوله من فيديوهات وصور حول الحادثة، كما أعلنت النيابة العامة بدئها التحقيقات فيها، إلا إنه إلى اليوم تشهد القضية تكتماً كبيراً يجعل الصمت مثيراً للشبهات والتخوفات عن سر الصمت التي لقيته اليتيمات بدلاً من الإنصاف والاقتصاص من الجلادين، ومحاسبة كل المتسببين.