يأمل التجار وأصحاب الأعمال والفنادق في مكة المكرمة هذا الموسم بتعويض خسائرهم التي تكبدوها خلال الموسمين الماضيين بسبب جائحة كورونا.
التاجر عبد الله المخليفي الذي يبيع سجادات الصلاة في مكة المكرمة، والذي تكبد خسائر كبيرة بسبب تقليص أعداد الحجاج خلال العامين الماضيين، يأمل في تعويض بعض هذه الخسائر هذا الأسبوع مع عودة أفواج الحجاج.
وتسبّبت القيود الصارمة في العامين الماضيين في إفراغ المتاجر والفنادق في جميع أنحاء مكة من الحجاج، قبل أن تعلن المملكة في نيسان/ أبريل عن استضافة مليون مسلم من داخل المملكة وخارجها للحج هذا العام، ما أحيا الآمال في حصول تعاف سريع.
وقال المخليفي (30 عاما) لوكالة فرانس برس في متجره في مكة، بينما كان الحجاج بملابس الإحرام البيضاء يجوبون الشوارع: “كان لدينا عدد قليل من الزبائن (خلال موسمي الحج الماضيين)، لكن اليوم عادت الأعمال بفضل الله، كما كانت من قبل، بل أفضل”.
ومن بين المليون حاج هذا العام، 850 ألفا سيأتون من خارج المملكة للمرة الأولى منذ 2019.
في ذاك العام، شارك نحو 2.5 مليون حاج من جميع أنحاء العالم في أداء المناسك التي يتوجب على كل مسلم قادر أن يؤديها مرة واحدة في حياته على الأقل.
لكن تفشي فيروس كورونا أجبر السلطات السعودية بعد ذلك على تقليص أعداد الحجاج بشكل كبير، فشارك 60 ألف مواطن ومقيم مطعمين من داخل المملكة في عام 2021، في مقابل بضعة آلاف في عام 2020.
“فرق كبير”
عادة ما يشكّل الحج مصدر دخل رئيسي للمملكة. وتقدّر إيرادات المناسك والعمرة والزيارات الدينية الأخرى على مدار العام بنحو 12 مليار دولار سنويًا.
وشهدت مكة طفرة في البناء في السنوات الأخيرة أدت إلى ظهور مراكز تسوق جديدة ومبان سكنية وفنادق فاخرة، بعضها يوفّر مناظر خلابة مطلة على الكعبة المشرفة.
لكن هذه المشاريع افتقدت لزبائنها خلال مرحلة الوباء.
ومنذ بداية الأسبوع، يزور الحجاج محلات بيع التذكارات والحلاقين في جميع أنحاء المدينة التي يبلغ عدد سكانها مليوني نسمة.
وكان مركز التسوق الرئيسي بالقرب من المسجد الحرام، حيث توجد الكثير من الفنادق، يعج بالحجاج مرة أخرى في مشهد يتناقض مع العام الماضي عندما بدت المنطقة شبه مهجورة.
ويقول أمين وهو صاحب محل لبيع العطور: “هناك فرق كبير بين هذا العام والماضي. هذا العام يمكننا أن نرى الكثير من الحجاج الذين يعيدون العظمة للمسجد الحرام”، مضيفا أن “الخسائر كانت كبيرة، لكن الأمور الآن أفضل”.
نمو وتعاف
ويترافق التعافي الاقتصادي في مكة مع تطورات اقتصادية إيجابية سجلت في المملكة العربية السعودية في الفترة الأخيرة.
فخلال مرحلة الإغلاقات المرتبطة بالوباء، واجهت المملكة انخفاضًا حادًا في أسعار النفط بسبب انهيار الطلب العالمي، ما أدى إلى إجراءات تقشف بما في ذلك مضاعفة الضريبة على القيمة المضافة ثلاث مرات والتخفيضات في علاوات موظفي الخدمة المدنية.
غير أن هذا المسار تبدّل بعد الغزو الروسي لأوكرانيا في شباط/ فبراير وارتفاع أسعار النفط.
وفي أوائل شهر أيار/ مايو، أعلنت السعودية عن أسرع معدل نمو اقتصادي لها منذ عقد، حيث أدى ارتفاع أسعار الخام إلى زيادة بنسبة 9.6 في المئة في الربع الأول مقارنة بالفترة نفسها من العام 2021.
ويقول مدير العمليات في أكبر سلسلة فنادق في مكة سالم علي الشهران: “وصلت الأرقام الحالية (نسبة الإشغال) إلى 40 في المئة مقارنة بمستوياتها لعام 2019″، وأضاف: “نأمل في أن نرى أعدادا أكبر في السنوات المقبلة”.