ما تزال دول الخليج مستمرة في مساعيها الرامية للحد من انتشار ظاهرة الإلحاد التي انتشرت كثيراً بين مواطنيها خلال السنوات الماضية؛ اعتماداً على الفضاء المفتوح ودعم بعض وسائل الإعلام.
وشهدت السنوات القليلة الماضية حضوراً ملموساً للملحدين الخليجيين على شاشات بعض القنوات ومواقع التواصل الاجتماعي، في تغير جديد على المنطقة التي ما تزال متمسكة بأعرافها الدينية الراسخة.
ولا يزال الملحدون في منطقة الخليج، حتى الآن، يتخفون وراء أسماء وهمية وكنى مستعارة بالنظر إلى العقوبات الصارمة التي تفرضها الحكومات على هذه الأفكار.
فعلى سبيل المثال تضع المملكة العربية السعودية “الدعوة إلى الفكر الإلحادي”، والتشكيك في “ثوابت الدين الإسلامي”، ضمن الأنشطة الإرهابية التي تستوجب العقوبة والردع.
ندوة التوحيد
وفي محاولة جديدة لصد هذا التحول الفكري المقلق في المنطقة، نظّمت مؤسسة “جابر بن زيد” الوقفية العُمانية ندوة في جامعة السلطان قابوس (الثلاثاء 23 مايو 2022)، بعنوان “الإلحاد وحقيقة التوحيد.. المنهج والرؤية والتفسير العلمي”.
واستضافت الندوة، التي حضرها مفتي عام السلطنة الشيخ أحمد الخليلي، الذي يشن حملة واسعة على الإلحاد، متحدثين من داخل السلطنة ومن خارجها.
وقبل أيام من الندوة شن عمانيون، من بينهم مفتي البلاد، حملة واسعة ضد زيارة الزعيم الهندوسي “سادغورو”، المعروف برفضه للأديان وسخريته من الآلهة، لمسقط في 25 مايو 2022.
وتحت ضغط الحملة ألغت الجمعية الزراعية العمانية ندوة كان سادغورو سيتحدث خلالها (25 مايو 2022)، وقالت إنها لم تكن تعرف الخلفية الدينية للضيف، الذي يجري جولة في المنطقة زار خلالها السعودية وسيزور الإمارات.
واستهدفت ندوة التوحيد تفنيد شُبه الإلحاد، وتعزيز الوعي الفردي والمجتمعي والمؤسسي بمنظومة التوحيد وفاعليتها في الحياة، ووضع اللبنة الأولى لنموذج فكري عملي يُمكّن الحوار ويدحض شبهة الإلحاد.
وخلال كلمته، قال مفتي البلاد إن الندوة تهدف لمواجهة أحد أكبر الأخطار التي تهدد العالم، مؤكداً أن مواجهة الإلحاد فرض على كل إنسان في عصر صار العلم فيه يحارب فكرة الإيمان.
ولفت الخليلي إلى ضرورة وقوف الجميع في وجه خطر الإلحاد، وخصوصاً العلماء والمؤسسات العلمية التي قال إن عليها أن تهتم بالتربية وتنشئة الأطفال على الإيمان كضرورة من ضرورات الحياة.
وحذّر الخليلي من أن بلاد المسلمين لم تعد بمنأى عن ظاهرة الإلحاد والتأثر بتداعياتها، مشيراً إلى أن دعاوى الإلحاد بدأت التسلل إلى أبناء المسلمين، وخصوصاً في العقد الماضي.
وقال: إن “الفضاء المفتوح أسيء استخدامه وتضخمت فيه المغالطات، واختُرقت خصوصية الأسر، وتراجعت فيه الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة؛ ما دفع شباباً مسلمين إلى الوقوع في شبه عقدية، وانزلق بعضهم إلى جحود فكرة الدين”، وشدد على ضرورة توعية الشباب لمواجهة هذا الخطر.
تحذيرات سابقة
وهذه ليست المرة الأولى التي يحذر فيها العلماء من خطر انتشار الإلحاد في المنطقة التي شهدت مؤخراً جملة من التحولات الاجتماعية غير المسبوقة في دول لطالما استمدت هويتها من الدين.
وكان “الإلحاد” من بين الأمور التي طفت على سطح المجتمع الخليجي خلال السنوات القليلة الماضية، وإن كانت المجتمعات ما تزال رافضة لمثل هذه التوجهات بشكل كبير.
لكن أموراً من بينها منصّات التواصل الاجتماعي، وفرّت مساحة أوسع للملحدين للتعبير عن رفضهم فكرة الأديان أو وجود إله من الأساس، كما لاذ بعضهم بدول غربية للاحتماء بقوانينها وإيجاد مساحة أكبر للإفصاح عن نفسه.
وفي يوليو 2019، حذّر إمام وخطيب المسجد الحرام، فيصل بن جميل غزاوي، خلال خطبة جمعة، من موجة الإلحاد التي اجتاحت العالم، قائلاً إنها “تمددت نحو بلاد المسلمين”.