قالت وكالة “بلومبيرغ” الأميركية، إن “السعودية استضافت اجتماعاً سرياً، الشهر الماضي، بين أوكرانيا وحلفائها من مجموعة السبع، ومجموعة صغيرة من دول الجنوب العالمي”، لمحاولة حشد الدعم لشروط كييف لإجراء محادثات سلام مع روسيا.
“السعودية اليوم” ينشر نص الترجمة:
بقلم ألبرتو نارديلي، وسامي أدغيرني، وجينيفر جاكوبس
في خطوة بعيدة عن الأضواء، عقدت أوكرانيا وحلفاؤها من مجموعة السبع، بالإضافة إلى عدد من دول الجنوب العالمي، اجتماعاً الشهر الماضي لبحث كيفية تعزيز الدعم لشروط كييف الخاصة بمحادثات السلام مع روسيا، وفق ما أفاد به مطلعون.
يأتي هذا الاجتماع الذي عُقد بتاريخ 16 ديسمبر في السعودية، بعد سلسلة لقاءات أكبر معلنة كانت تهدف إلى مواجهة مساعي موسكو لزعزعة الوحدة وتصوير أوكرانيا وحلفائها بأنهم غير مستعدين للتفاوض من أجل إنهاء النزاع.
كان الهدف من إبقاء الاجتماع سرياً هو إتاحة الفرصة للدول المشاركة للتعبير بحرية أكبر، حيث تم التباحث حول ما يُطلق عليه “معادلة السلام” الأوكرانية والتخطيط للخطوات المستقبلية، بالإضافة إلى النقاش حول كيفية التفاعل مستقبلاً مع روسيا.
لكن تلك المساعي لقيت تراجعاً في الأشهر الأخيرة، خصوصاً مع تقدم الغزو الروسي نحو عامه الثالث، وفي الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، تعطلت عملية الموافقة على مساعدات تزيد قيمتها عن 100 مليار دولار في واشنطن وبروكسل، فيما لم تحقق الهجمات المضادة التي شنتها أوكرانيا العام الماضي أي اختراق كبير في ساحات القتال.
ومع ذلك، لم تلتزم بعض دول الاتحاد الأوروبي بتعهداتها بتزويد كييف بالأسلحة والذخيرة، في الوقت الذي تتعرض فيه أوكرانيا لهجمات صاروخية روسية متكررة، وأدت الأزمة بين إسرائيل وحماس إلى تفاقم الخلافات مع دول الجنوب العالمي.
ضعف في التقدم
لم يُحرز تقدم ملموس في الاجتماع الأخير الذي عُقد في الرياض، وفقاً لمصادر مطلعة طلبت عدم الكشف عن هويتها لمناقشة أمور غير علنية، واصلت أوكرانيا وحلفاؤها من مجموعة السبع مقاومة الدعوات من دول الجنوب العالمي للتفاعل المباشر مع روسيا.
وقد استنكرت موسكو هذه الجهود الحليفة – التي لم تكن طرفاً فيها – ووصفتها بأنها مهزلة.
رغم مشاركة كبار المسؤولين من الهند والسعودية وتركيا في الاجتماع الذي عُقد في ديسمبر بالرياض، إلا أن الدول الكبرى الأخرى في الجنوب العالمي التي حضرت الاجتماعات السابقة – كالصين والبرازيل والإمارات – لم ترسل ممثليها، وفقاً للمصادر.
وتُعتبر بكين، في نظر العديد من الدول المشاركة، العامل الحاسم للتأثير على موسكو بفضل الروابط المتينة التي تجمع بينهما، وقد أدلى البرازيل، الرئيس الحالي لمجموعة العشرين، ببيان خطي، بحسب ما أورد المطلعون.
وأكدت كييف وحلفاؤها في مجموعة السبع مجددًا على أن السلام العادل يتطلب احترام السيادة والسلامة الإقليمية لأوكرانيا، وأشاروا إلى أن نوايا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لم تتبدل، وأنه لم يبدي أي استعداد حقيقي للمشاركة في مفاوضات ذات مغزى، فضلاً عن إخفاقه في الالتزام بالاتفاقات السابقة، وأعلن الحلفاء عزمهم المستمر على دعم أوكرانيا، معبرين عن ثقتهم بالتوصل إلى توافق بشأن حزم الدعم المقترحة من قبل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.
وأمتنع المتحدثون باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي عن التعليق، ولم تقدم الحكومتان الأوكرانية والسعودية ردًا فوريًا على طلبات التعليق.
الخطوات المستقبلية
تخطط أوكرانيا وحلفاؤها لعقد اجتماع آخر للمجموعة الأكبر في سويسرا الأسبوع المقبل، قبل منتدى دافوس الاقتصادي العالمي، حيث تمت دعوة أكثر من 100 دولة، كما ذكرت المصادر المطلعة، وقد عُقدت اجتماعات سابقة في كوبنهاغن وجدة ومالطا خلال العام الماضي.
تأمل كييف في تنظيم قمة للقادة حول هذا المخطط في وقت مبكر من العام الجاري، بغية استخدامها لوضع خطة تقوم على مبادئ متفق عليها كأساس لأي محادثات مستقبلية مع موسكو.
ترى بعض الدول أن عقد قمة على مستوى القادة في الأشهر المقبلة قد يكون سابقًا لأوانه، في حين يطالب آخرون بضرورة إشراك روسيا في العملية على الفور.
وفي وقت سابق من ديسمبر، قام بوتين بزيارة نادرة إلى السعودية لإجراء محادثات شاملة، في خضم العزلة الدولية التي تسببت بها حملته العسكرية.
وقد ألمح شخص مقرب من الكرملين في نهاية العام الماضي إلى وجود بعض المباحثات لاستطلاع الرغبة في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، دون الكشف عن تفاصيل أخرى، ولم تتأكد هذه الأمور حتى الآن، وتشك أوكرانيا وحلفاؤها في أن مثل هذه المبادرات قد تكون مجرد خدعة من الكرملين لتقويض الدعم لكييف وكسب المزيد من الوقت.
وأعلن بوتين استعداده لإنهاء الصراع، ولكن “وفق شروطنا”، التي تشمل إزاحة حكومة فولوديمير زيلينسكي وتقليل قدرات أوكرانيا الدفاعية بشكل كبير.
صرح بوتين في مؤتمر صحفي نهاية العام في ديسمبر قائلاً: “سيحل السلام عند تحقيق أهدافنا، وهي إزالة النازية، ونزع سلاح أوكرانيا، وضمان حيادها”.
يعتبر انسحاب القوات الروسية من أراضيها أحد أسس خطة السلام الأوكرانية، وتتضمن النقاط الأخرى إعادة الأطفال المرحلين وأسرى الحرب، بالإضافة إلى ضمان الأمن الغذائي والطاقي.
أجمع جميع المشاركين في المناقشات بالرياض على حق أوكرانيا في الدفاع عن نفسها، وأكدوا على ضرورة الالتزام بالمبادئ الأساسية للأمم المتحدة، ومن ضمنها احترام السلامة الإقليمية للدول، والقانون الدولي، وفقاً لما ورد عن المصادر.