استثمارات بأنظمة الحماية.. كيف تقدمت السعودية في الأمن السيبراني؟
دخلت المملكة العربية السعودية، في السنوات الأخيرة، مرحلة متقدمة بمجال الأمن السيبراني، وعملت على استقطاب خبراء ورواد هذا المجال من داخل المملكة وخارجها، ويأتي هذا الاهتمام في ظل توجه المملكة نحو التحول الرقمي؛ في إطار سعيها لحماية أنظمتها الرقمية على أعلى المستويات تزامناً مع هذا التحول.
الثانية عالمياً
وفي أحدث إنجاز في هذا المجال حازت السعودية المرتبة الثانية عالمياً في مؤشر الأمن السيبراني، وذلك ضمن تقرير الكتاب السنوي للتنافسية العالمية 2022 الصادر عن مركز التنافسية العالمي، التابع للمعهد الدولي للتنمية الإدارية في سويسرا “IMD”، والذي يعد واحداً من أكثر التقارير شمولية في العالم، ويهدف إلى تحليل وترتيب قدرة الدول على إيجاد بيئة داعمة ومحفزة للتنافسية والمحافظة عليها وتطويرها.
وبينت الهيئة السعودية للأمن السيبراني، في 15 يونيو 2022، أن هذا الإنجاز يأتي ثمرة للدعم والتمكين لقطاع الأمن السيبراني، ما أكسبه دفعة قوية في طريق الريادة، وتجسيداً لتفوق “النموذج السعودي في الأمن السيبراني” عالمياً ومواصلته تحقيق القفزات النوعية في المؤشرات الرقمية الدولية، حيث يعد نموذجاً رائداً ويحتذى به دولياً.
وأوضحت أن منظومة الأمن السيبراني في المملكة تستهدف تعزيز تنافسية القطاع واغتنام الفرص الواعدة فيه ومواكبة المتغيرات المتجددة على النحو الذي يعكس الطموح الوطني في هذا المجال.
وأشارت إلى الجهود المبذولة في بناء واستدامة قطاع الأمن السيبراني وتطوير منتجاته والتي أسهمت بدورها في إحراز هذا الإنجاز العالمي، مبينةً أن هذا تحقق من خلال المبادرات الهادفة إلى تعزيز تنافسية الكوادر الوطنية المتخصصة في الأمن السيبراني، وتنفيذ 45 تمريناً سيبرانياً وتمكين 4000 مختص في مجال الأمن السيبراني، ورفع مستوى التوعية السيبرانية لأكثر من 7200 مستفيد في الجهات الوطنية.
وفي هذا الإطار يقول المحلل الاستراتيجي والخبير في الشؤون الإقليمية والدولية، محمد عيد الشتلي: إن “الأمن السيبراني هو جدار الحماية الأساسي لمستقبل المؤسسات والهيئات الرسمية التابعة للدول ولحماية خصوصية بيانات الأفراد والمؤسسات التابعة للدول”.
ويبين “الشتلي” في حديثه لـ”الخليج أونلاين”، أن الأمن السيبراني أشبه بالجيش المخفي ليحمي النظام الرقمي للدولة وليعزز قدراتها الدفاعية في عالم التقنية الحديثة التي تعتبر العصب الأساسي للدول في جميع المجالات.
وأشار إلى أن “السعودية نجحت في التحول السريع نحو رقمنة الدولة ومؤسساتها، وتعمل من خلال رؤية 2030 نحو التوجه إلى ترسيخ الاعتماد الكامل على دمج الحياة الحديثة المستقبلية مع متطلبات التحول الرقمي الشامل”، لافتاً إلى أن الرياض “نجحت فعلياً في الوصول إلى قائمة الدول العشر الأولى عالمياً في قائمة الأمن السيبراني”.
إنفاق كبير
ويحقق الأمن السيبراني في السعودية إنجازات لافتة، بفضل الاستثمارات الضخمة في أنظمة الحماية والتوعية، وتعد المملكة أكبر أسواق منطقة الشرق الأوسط للأمن السيبراني.
وحول ذلك كشف المدرب والمستشار في الأمن السيبراني د. سلطان العنزي، أن نسبة الإنفاق من قطاع الأمن السيبراني مع حجم الإنفاق على قطاع تقنية المعلومات تقدر بـ7% بالمملكة، قياساً على 5% عالمياً، وهذا بطبيعة الحال انعكس على المركز المتقدم الذي احتلته المملكة في المؤشرات العالمية.
وأوضح العنزي في حديثه لصحيفة “الوطن” السعودية في 20 أبريل 2022، أن النمو في الإنفاق العالمي يقدر بـ10.9% سنوياً، قياساً على معدل نمو بالمملكة يقدر بنسبة 13.7%، فيما تستحوذ الدول العربية على 5% من حجم الإنفاق على أمن المعلومات، بحسب تقرير صادر عن إدارة تحالف القطاع الخاص العالمي التابع للأمم المتحدة.
وتوقع أن يصل حجم السوق العالمية لصناعة الأمن السيبراني إلى نحو 326 مليار دولار بحلول عام 2027، طبقاً لتقديرات “جراند فيو ريسيرش”، وذلك بنمو 10% سنوياً بداية من عام 2020.
أضخم حدث تقني
وفي 28 نوفمبر 2021 استضافت العاصمة السعودية الرياض، مؤتمر “Hack@” الذي يعد أضخم وأشهر حدث تقني في مجال الأمن السيبراني، والأول بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، واستمر على مدار 3 أيام متواصلة.
وجاء تنظيم المؤتمر ضمن فعاليات موسم الرياض، بتنظيم من الاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز، وبالشراكة مع “BlackHat” والهيئة العامة للترفيه، بهدف تبادل الخبرات في مجال الأمن السيبراني واستعراض آخر ما توصلت إليه التقنية في مجابهة التحديات المتعلقة بهذا المجال.
بدوره، أكد رئيس مجلس إدارة الاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز، فيصل بن سعود الخميسي، أن المملكة باستضافتها لهذا الحدث التقني الأضخم، تمكنت من تحقيق ثاني أكبر سلسلة دورات تدريبية في الأمن السيبراني حول العالم، بعد لاس فيغاس بواقع 350 مهتماً يتلقون تدريبهم على يد مدربين معتمدين من “BlackHat” من 9 دول.