ترجمة خاصة/ السعودية اليوم
“نحن لسنا ضد التنمية”، قال ذلك أحد السكان المشردين، في مدينة جدة مواصلاً “الناس هنا يريدون أن تصبح السعودية أفضل مكان في العالم، نحن ندعم هذه المشاريع، لكن لا يمكنك إزالة الأشخاص بهذه الطريقة”.
قال ذلك احتجاجاَ على ما تقوم به الحكومة من إزالة لمسكنه ومساكن أكثر من 40 ألف مواطن، في مدينة جدة الساحلية، كما أن استطلاع السكان في الأحياء الجنوبية لمدينة جدة تلخص بعبارة “كنّا هنا”.
وكانت منظمة القسط السعودية لحقوق الإنسان قد نشرت مسحاً أظهرت فيه أن غالبية المشاركين في الاستبيان المتضررين من عمليات الهدم لم يتلقوا إشعارا كافيا قبل عمليات الإخلاء ولم يحصلوا على أي تعويض عن خسائرهم.
وأجلت السلطات ما بين نهاية عام 2021 وبداية عام 2022، مئات الآلاف من السكان من منازلهم كجزء من خطة أوسع لتطوير جدة، وفقا للحكومة.
وتعيش جدة منذ ذلك الوقت ارتفاع أسعار في الإيجارات بعد عملية التهجير، ويؤكد السكان أن الإيجارات تضاعفت في غضون أيام، ولم يتمكن الكثيرون من تحمل تكاليفها.
أمر آخر يتحدث عنه السكان، أن عملية الهدم فاجأتهم، ولم يجدوا وقتاً للتخطيط لعملية النقل، أو لتوديع الأماكن التي عاشواً فيها، كما عاش فيها آباؤهم.
وفي الوقت الذي لم يسمح فيه بالتوثيق للانتهاكات التي تعرض لها السكان، اضطر بعضهم إلى وضع أثاثه في العراء، بينما لجأ آخرون إلى تحت الجسور، أو النوم في السيارات، بحسب ما نقل موقع “ميدل ايست آي”.
أما منظمة القسط فتقول أيضاً، إن 91 في المئة من الأشخاص الذين شملهم استطلاعها، هدمت منازلهم أو ممتلكاتهم التجارية كجزء من خطة التطوير، بينما تدعي السلطات أن الجميع تلقوا إشعارا، فإن المشاركين في الاستطلاع يرسمون صورة مختلفة.
وأوضحت أن 60 % من المشاركين، أكدوا تلقيهم التحذير المسبق، إلا أنه الفترة الفاصلة بين الإخطار والهدم لم تكن كافية، أما 37 % لم يتلقوا أي إخطار على الإطلاق، وأجبر آخرون على مغادرة منازلهم بعد قطع المرافق وأصبحت الظروف غير صالحة للعيش.
أما عن التعويض أشار آخرون إنهم لم يحصلوا على معلومات واضحة حول إجراءات تقديم مطالبات التعويض عن الهدم، ويشير البحث أيضا إلى أن أكثر من 71 في المائة من المشاركين لم يتم إخبارهم بأن التعويض متاح على الإطلاق.
والمشكلة أن المملكة ليست جزءا من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، الذي تلتزم الدول الأعضاء بموجبه بالاعتراف بحق كل فرد في السكن اللائق، لكن يجب عليها “احترام حقوق الناس في السكن اللائق” و”إجراء تحقيق سريع وشفاف في عمليات الإخلاء الجماعي التي حدثت”، وذلك أكدت عليه منظمة القسط.
وتعدّ جدة ثاني أكبر مدينة في المملكة، وهي موطن لما يقارب من 4.5 ملايين، كما أنها مركز اقتصادي مهم وبوابة إلى مكة المكرمة لملايين الأشخاص كل عام.
وتقع المناطق التي هدمت حتى الآن في جنوب جدة، وهي منطقة ينظر إليها الكثيرون على أنها قلب وروح مدينة البحر الأحمر.
غالبا ما خلفتها مشاريع التنمية مع توسع المدينة شمالا على مر السنين، وكان جنوب جدة مركزا اجتماعيا نابضا بالحياة يتكون من مجموعات عرقية مختلطة استقرت هناك منذ عقود.
يرتبط جنوب جدة بالبلدة القديمة العتيقة في وسط المدينة، والمعروفة باسم البلد وكان في خطط التنمية الحكومية لسنوات.
وقدمت مقترحات لإزالة “الأحياء الفقيرة” في وقت مبكر من عام 2007، ولكنها لم تسر لأسباب عديدة، بما في ذلك إحجام الحكومة عن إثارة غضب السكان المحليين، لكن الحكومة السعودية الحالية، التي تسعى إلى تنفيذ خطتها الاقتصادية الشاملة لرؤية 2030، تضع الآن المناطق الجنوبية في جدة نصب أعينها.
تمت صياغة تقرير عام 2019 بعنوان “جدة: لمحة عن المدينة” من قبل وزارة الشؤون البلدية والقروية وموئل الأمم المتحدة كجزء من رؤية 2030، ويقدم تحليلاً للتخطيط الحضري للمدينة ويقترح توصيات للتطوير، بما في ذلك إدخال نظام مترو يمر عبر جنوب جدة.
ومن غير الواضح ما إذا كانت هذه المشاريع الإنمائية مرتبطة بعمليات الهدم الجارية.
في ديسمبر/كانون الأول، أعلن صندوق الاستثمارات العامة، برئاسة ولي عهد محمد بن سلمان، عن خطط لبناء “جدة المركزية”، وهو مشروع يهدف إلى إنشاء “وجهة عالمية المستوى تطل على البحر الأحمر” في شمال المدينة.
وسيشمل المشروع، الذي سيكلف نحو 20 مليار دولار وسيتم بناؤه في “قلب جدة”، دار أوبرا ومتحفا وملعبا رياضيا وأكواريا، كما سيتم بناء “مرسى عالمي المستوى ومنتجعات شاطئية مذهلة”، إلى جانب 17,000 وحدة سكنية وفندق يوفر أكثر من 2,700 غرفة.