خُلق الوفاء
سليمان الناصر
خُلُقتُ أَلوفًا لو رحلتُ إلى الصبا لغادرت شيبي موجع القلب باكيا. قرأتُ هذا البيت في حياتي مالا أُحصي من المرات، وكل مرة أقرأه أفكر في أخلاق الوفاء، وعبقرية تصوير أبي الطيب لهذا المعنى.
أما اليوم فقد ذكرتُ هذا البيت صباحًا مع صديق عزيز في العمل ولأول مرة أنتبه انتباها خاصا إلى أن هذا الوفاء يتعلق بمرحلة عمرية من حياة أبي الطيب، فكّرت بمن يتنكرون لمرحلة من مراحل حياتهم ويرونها بقعة سوداء في حياتهم، في حين أن مراحل حياتنا مهما كانت أحوالنا فيها لا تخلو من الاتصال بما نحن عليه الان، ثمة عناصر في شخصيتنا الان تكونت أو نضجت في تلك المرحلة.
نحن عبارة عن سيرة أو قصة تشمل كل مراحلنا، ولا يوجد تعارض بين تطور الانسان ونقده لذاته وبين وفائه لحياته التي مر بها، فالحنين لمرحلة الطفولة ثم مرحلة الشباب لا يعني أن كل ما في تلك المراحل رائع ومبهج، بل أحيانا نشعر بقيمة مراحل الشدة والضيق.
بل وحتى تلك المراحل التي لنا فيها علاقة بأشخاص لا نتقبل صحبتهم الان، ألا أن لتلك الأيام دور في تكويننا وبقى في أمشاج وجداننا وعقولنا عناصر منها، رحم الله شاعرنا الذي منحنا أقواله الخالدة والتي لا تتوقف عن ملامسة أعماقنا البعيدة وبعثنا على التأمل في أغوار تجاربنا وتقلبات حياتنا.
ـمن صفحة الكاتب في تويتر