إيرادات النفط تتضاعف .. والضريبة مستمرة في “تشليح” المواطن في 2022 (ملف خاص)

في الوقت الذي ترّبعت فيه المملكة قائمة الدول المستفيدة من القفزة الكبيرة في سعر برميل النفط، إلا أن الضريبة المضافة مستمرة في “تشليح” المواطن عام 2022 وإرهاقه، و لم تنعكس على رفاهيته وتحسن الخدمات المقدمة له.

شكاوى مواطنين تؤكد ذلك ووجدت متنفساً لها في وسائل التواصل الاجتماعي، كاشفة عن أزمة حقيقية تعيشها المملكة لأول مرة منذ عقود، حيث غدت الأسعار وارتفاعها حديثا يومياً للسعوديين، بينما مشاكل التسكين والتوظيف غدت همّاً للآلاف من أبناء المملكة.  

وفي الأيام الماضية، ظهرت حملات مناصرة لأعداد كبيرة من خريجي الجامعات في الداخل والخارج، والتي تبحث عن فرص عمل في ظل سياسة تتبعها الحكومة استثنت أصحاب تخصصات كثيرة.

أرباح ضخمة و الضريبة مستمرة

ومع أن المملكة باتت تعيش عصراً ذهبياً من خلال تحقيق الأرباح الضخمة من النفط مؤخراً، إذ توقع خبراء أن الحكومة ستحقق فائضاً هذا العام، قد يصل إلى 78 مليار ريال، على افتراض أن ميزانية الربع الثاني من هذا العام (2022) هي 370 مليار ريال، من قيمة الإيرادات، بينما قيمة الضرائب منها بلغت ما يقارب 100 مليار ريال.

فبالإضافة إلى الإيرادات غير النفطية (ضرائب القيمة المضافة في السلع والخدمات-ضرائب دخل الشركات والمنشآت الأجنبية -الرسوم الجمركية) سجلت السعودية أعلى إيرادات نفطية على الإطلاق حوالي 930 مليار ريال في الربع الأخير من 2021.

وأوضحت شركة جدوى للاستثمار أن قفزة الإيرادات النفطية في المملكة، ستصل إلى 935 مليار ريال، أي ما يعادل 248.6 مليار دولار بزيادة 66%، في نهاية العام الجاري، وهو ما يعني أن فائض الموازنة العامة سيكون 298 مليار ريال بعد أن كانت تعاني من عجز في سنوات سابقة.

تبعات ضريبة القيمة المضافة

ولمواجهة العجز في الميزانية، في السنوات الماضية فرضت الحكومة مزيدا من الضرائب، أقرتها في العام 2017، والتي زادت أكثر في العام 2020، عام “كورونا”، علماً أنها بدأت بنسبة 5% على السلع والمنتجات المباعة وتم تفعيلها من بداية عام 2018.

وفي يوليو 2020 قررت الحكومة رفع ضريبة القيمة المضافة من 5 إلى 15% لتحسين الأوضاع الاقتصادية للمملكة، وهو ما تم تمريره حينها، كون الضريبة المضافة نوع من الضرائب تتجه إليه الدولة في حال ركود الاقتصاد، بحسب مجلة النصيحة القانونية.

فكان على مواطني المملكة التعايش مع زيادة أسعار المنتجات ومقابل الخدمات، وتحمل الزيادة في البنزين وأسطوانات الغاز، في انتظار انتعاش الاقتصاد مجدداً وتتعزز ميزانية الدولة، وهو ما حصل حالياً، مع عودة المملكة إلى التربع على عرش سوق النفط العالمي.

أسعار النفط في ارتفاع والضريبة مستمرة

أسعار النفط والاحتياطات المالية

حيث شهدت أسعار النفط قفزات كبيرة، رافقها زيادة في الإنتاج لمواكبة الطلب المتزايد، مقابل عرض أقل في الأسواق خصوصا من قبل روسيا، وذلك منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية في نوفمبر الماضي.

وارتفعت قيمة صادرات المملكة النفطية إلى 116 مليار ريال، أي 30.8 مليار دولار بزيادة 106% خلال شهر مايو/أيار 2022، وفي شهر إبريل/نيسان الماضي ارتفعت القيمة إلى 110 مليارات ريال بزيادة 123%، وتتوالى قفزة الإيرادات في يونيو ويوليو الماضيين.

كما انعكست الزيادات في أسعار النفط بشكل مباشر على احتياطيات السعودية من النقد الأجنبي والتي سجلت 466 مليار دولار، في شهر يونيو/حزيران الماضي، وهو أعلى مستوياته منذ مارس/ آذار 2020، مقابل 447 مليار دولار بنهاية يونيو 2021.

المواطن.. الضريبة مستمرة

يضاف إلى ذلك إعلان المملكة التخفف من قيود “كورونا” إلا أن الأسعار ما زالت كما هي سواء في السلع الغذائية الرئيسة، أو النقل والمواصلات، وصولاً إلى السكن والعقارات.

وفي وقت سابق قال وزير المالية إن الفائض الذي حدث لا يمكن أن يسد الخلل الاقتصادي الذي تعرضت له المملكة على مدار عامين، وأضاف أن المملكة قد اقترضت مبلغًا كبيرًا في عام 2021 كي تغطي العجز في الاقتصاد وتستمر في مستوى الخدمات الجيدة المقدمة لدى المواطنين.

وما يزيد من غضب وتخوف المواطنين، بأن تظل الحكومة متمسكة بالضريبة المضافة، الـ “15” %، واعتبارها جزءا من الميزانية، على الرغم من أن فرضها كان من أجل مواجهة الركود الاقتصادي في العام 2018، ثم زادت مع وباء كورونا، والتي فرضت حينها على السلع من المواد الغذائية إلى أسعار الأدوية والخدمات المقدّمة.

ارتفاع الأسعار و الضريبة مستمرة

الضريبة مستمرة في تشليح للمواطن

وغدت ضريبة القيمة المضافة أشبه بعملية تشليح للمواطنين الفقراء، فبقاؤها عند 15%، يثير الكثير من التساؤلات، حيث إن أسعار مشتقّات الوقود في التسعير الشهري الذي تُصدره شركة «أرامكو» للسوق المحلية، تبقى على حالها أو ترتفع، حيث يبلغ سعر صفيحة البنزين حالياً نحو 12.75 دولاراً، والأمر نفسه ينطبق على التكاليف الأخرى للطاقة، مثل الكهرباء. 

ويؤكد ذلك للمواطن بأن عليه التعايش قسرياً مع سعر البنزين الذي وصل إلى حد لم تصله السعودية من قبل، ومع تبعات رفع الدعم عن الكهرباء والماء، وإلغاء بدل المعيشة والبدلات والعلاوات، وقصقصة دعم مستفيدي الضمان الاجتماعي.

كما أن استمرار هذه الإجراءات المجحفة بحق المواطنين، يجعل التساؤل مشروعاً إلى أين تذهب إيرادات النفط، في الوقت الذي يعيش فيه السعوديون الأزمات متجرعين غصص ارتفاع الأسعار، في الوقت التي ما زالت فيه رواتبهم كما هي، بينما تزداد الاحتياجات يوماً بعد آخر.

التضخم وارتفاع الأسعار

وفي الوقت نفسه يفرض على المواطن التعايش مع ما تعلن عنه الحكومة من أسباب ارتفاع الأسعار، ومنه التضخم العالمي، الذي وصل في قطاع الأغذية في يوليو الماضي إلى 2.7 في المئة عما كان عليه في الشهر ذاته من العام الماضي.

قالت ذلك الهيئة العامة للإحصاء، والتي عدت قطاع الأغذية والمشروبات العامل الرئيس لارتفاع معدلات التضخم خلال الشهر الماضي، إذ ارتفع بنسبة 3.9 في المئة نتيجة ارتفاع أسعار المواد الغذائية وأسعار اللحوم بشكل خاص، والتي ارتفعت أسعارها بما يصل إلى 5.1 في المئة عما كانت عليه في الأشهر السابقة من عام 2022.

وقال الهيئة في بيان لها، إن الارتفاعات شملت كذلك قطاع النقل الذي ارتفع هو الآخر متأثراً بارتفاع أسعار السيارات بنسبة 4.2 في المئة عن الشهر الماضي.

ويذكر أن معدل التضخم بلغ حوالي 1.8%، خلال الفترة يناير- أبريل 2022، حيث سجل أبريل ارتفاعاً بمقدار 2.3 % على أساس سنوي، مسجلًا بذلك أعلى ارتفاع له منذ شهر يونيو 2021.

ويعود ذك إلى ارتفاع أسعار كل من النقل وأسعار الأغذية والمشروبات، حيث يمثل هذا القسم التأثير الأكبر في ارتفاع التضخم السنوي، نظرا لوزنه النسبي البالغ 13%.

تداعيات

وهو ما أكده صندوق النقد العربي في تقرير له، بأن المستوى العام للأسعار في السعودية خلال عامي 2022 و2023 سيتأثر بتداعيات التطورات الدولية وأثرها على نقص الإمدادات إضافة إلى بدء تعافي سلاسل الإمداد بعد الجائحة، وأبرز قنوات ذلك التأثير تتمثل فيما يلي: ارتفاع الأسعار العالمية: نظراً لانفتاح الاقتصاد السعودي على التجارة الدولية.

كما أن انخفاض سلّم الرواتب المتدني ونسبة العاطلين عن العمل سيعد إشكالية كبيرة جدًا وكارثية تواجهها الدولة في هذا الملف مقارنةّ ببقية الملفات الأخرى التي دارت ظهرها لها، وانشغلت في كيفية صنع ترفيه لا يُعالج العلّة ولا يشفي من ظلمات هذا المرض، ولا يتسق مع الوضع المادي للفرد.

Exit mobile version