غضب مكتوم عن مصير أسرى السعودية عند الحوثيين .. لماذا التعثر؟
في 21 سبتمبر، 2022، ومع إعلان الحكومة السعودية نجاح سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، بالإفراج عن 10 أسرى حرب أجانب لدى روسيا، تساءل كثير من النشطاء عن مصير العشرات من أسرى السعودية في سجون الحوثيين بصنعاء.
وفي الخبر قالت الخارجية الروسية، إن الأسرى العشرة، الذي تم الإفراج عنهم، بوساطة سعودية، تضم مواطنين من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والسويد وكرواتيا والمغرب، وأقلتهم طائرة وهبطت في المملكة. ولفتت أن الجهات المعنية في المملكة قامت باستلامهم ونقلهم من روسيا إلى المملكة، والعمل على تسهيل إجراءات عودتهم إلى بلدانهم.
أسرى السعودية عند الحوثيين:
إثر ذلك، ورغم احتفاء الإعلام المحلي السعودي بالصفقة، إلا أن القلق الذي يشوبه الغضب، هو المعبر الأكثر داخلياً، عن الضباط والأفراد السعوديين، والتي تعتبرهم مليشيا الحوثي ورقة ضغط، ولوحت بهم أكثر من مرة، بينما لم تصدر السلطات المعنية في المملكة عن الأمر، ما يطمئن أهاليهم حتى الآن.
هذا الغضب المكتوم، نتيجة غياب الإنسانية عن السعوديين، بينما التغني به حين يتم الإفراج عن آخرين، في إشارة إلى استقبال الأسرى الأجانب في المملكة، وقد أسروا وفق مغردين في حرب لا علاقة لنا بها، بينما جنود السعودية الأسرى لدى الحوثي منذ 7 سنوات، لم يتحرك أحد لإطلاق سراحهم.
ما قصة الأسرى المؤلمة لكل سعودي؟
طيلة سنوات الحرب، والحوثيون يعلنون بين الحين والآخر أسر أفراد من جنودنا، لعل الاضخم وبحسب إعلام الحوثيين أنفسهم، كانت في (28 سبتمبر 2019، عبر ناطقهم الرسمي، الذي قال إن مليشياته في هجوم لها أسرت مئات من جنود قوات الجيش السعودي، كما تم اغتنام معدات عسكرية، حد زعمه.
ووفقاً للمتحدث الحوثي حينها، فإن الهجوم تركز في محور نجران، إلا أنه لم يشر إلى أعداد من تم أسرهم من الضباط والجنود، إلا أن المليشيا الحوثي وحكومة المملكة نفذت أكثر من عملية تبادل خلال الفترة الماضية، كما أن حكومة خادم الحرمين أفرجت عن آخرين، دون مقابل، ضمن عمليات إنسانية.
وعن كشف الحوثيين المتواصل للأسرى رغم أنه يلزمهم أمام الأمم المتحدة التي تشرف على ملف تبادل الأسرى بالإفراج عنهم وكشف أوضاعهم، إلا أنها لم تنفذ شيئاً من ذك، على أن المملكة أطلقت سراح 163 أسيراً حوثياً في مايو الماضي، ضمن مبادرة إنسانية ولدعم جهود إنهاء الأزمة اليمنية وإحلال السلام.
كم عدد أسرى السعودية عند الحوثيين؟
أغلب التقديرات تشير إلى أن عدد أسرى المملكة يتجاوز 250 ضابطاً وفرداً، ما زالت أسرهم صامتة عن الحديث عنهم، منتظرة الجهود التي تبذلها السلطات في هذا الجانب، إلا أن هناك من يتساءل عن سر تركهم لدى المتمردين الحوثيين لسنوات، فبدلاً أن يذهب ولي العهد محمد بن سلمان، إلى دفع أموال ضخمة لروسيا من أجل إطلاق أسرى حرب دول أخرى، الأولى أن يطلق جندوه، ممن يفتدون الوطن ويقدمون أنفسهم من أجل الدفاع عنه وعن حدوده.
ويذكر أنه في آخر صفقة لتبادل الأسرى تمت بين الجانبين اليمنيين وكانت في عام 2020، تم الإفراج عن 15 أسيراً سعوديا جرى تبادل نحو 1081 من الأسرى، معظمهم من الحوثيين، وقد تكفلت حينها الأمم المتحدة والصليب الأحمر بنقل أسرى الطرفين بطائرات تابعة للصليب الأحمر، وكانت الوساطة محلية دون تدخل أممي.
رفض مستمر من المتمردين الحوثيين
في 20 من سبتمبر الجاري تنصل الحوثيون مجدداً عن اتفاق مبدئي جرى التوصل إليه في مارس الماضي بين طرفي الحرب في اليمن، برعاية أممية، يقضي بإطلاق سراح أكثر من 2200 أسير، بينهم جنود سعوديون، لكن الحوثيين عمدوا إلى المماطلة، الأمر الذي حال دون تنفيذه.
جاء ذلك على لسان المتحدث باسم التحالف العربي في اليمن العميد تركي المالكي الذي قال “تعنت الحوثيين في محادثات عمّان الأخيرة أفشل جهود إطلاق جميع أسرى الحرب”.
كما كشف المالكي، أن التحالف عرض على الحوثيين زيارة الأسرى إلا أن ذلك قوبل بالرفض، وهو ما يؤكد أن لا أحد يعلم ظروف أسر أبطال السعودية، وذلك لبعث رسالة اطمئنان إلى أهاليهم إلا أنه عاد وأكد أن المساعي حثيثة، لإطلاق جميع الأسرى ولمّ شمل العائلات.
الأسرى السعوديون.. ورقة ضغط حوثية
يرى مراقبون أن الحوثيين يحاولون استغلال وجود جنود أسرى سعوديين بين أيديهم للضغط على المملكة بشأن إطلاق المزيد من أسراها.
كما يشيرون إلى مسألة أخرى بأن الجماعة الموالية لإيران تحاول توظيف هذا الملف لتحقيق مكاسب أخرى في علاقة بالشروط المستجدة التي وضعتها لتمديد الهدنة الإنسانية، وهي رفع الحصار بشكل كلي على موانئ الحديدة ومطار صنعاء، وتولي الحكومة اليمنية دفع رواتب الموظفين في مناطق سيطرتها.
ما مستقبل الأسرى بين الحوثيين والسعودية؟
ومع توقف الهجمات الحوثية على السعودية، منذ أبريل الماضي، إثر الهدنة التي رعاها الأمم المتحدة، إلا أنه بعد مرور 5 أشهر منها لم يبد المتمردون الحوثيون أي إبداء لحسن نية باتجاه الأسرى، وهو ما يراه مراقبون بأنه استثمار للهدنة عسكرياً وتحقيق مكاسب أخرى، على حساب القضايا الأخرى ومنها الإنسانية.
ومع أن أهالي الأسرى سيظلون ينتظرون أي بارقة أمل لإخراج ذويهم من سجون الحوثي بصنعاء، إلا أن هناك أصواتاً في السعودية تدعو قيادة البلاد، أن تستثمر هي الأخرى التحركات الدولية لتمديد الهدنة اليمنية لأشهر إضافية، لتحقيق اللحظة التي يتشوق لها جنود الوطن بالعودة، وأن يشعروا بأنهم لم يتركوا لوحدهم في مواجهة السجن والسجان، في ظل غياب أي معلومات عنهم في ظل التعنت الحوثي بحقهم.