ترجمات

أزمة ثقة بين “بايدن” والسعودية.. ماذا قال باحث أمريكي..؟

رأى الباحث في معهد المشروع الأمريكي مايكل روبين أن زيارة الرئيس جو باين إلى السعودية إشكالية، إذ مهد لها بسلسلة من الأخطاء، كما فعل عادة في ملفات خارجية أخرى.

وقال “الثقة التي استنزفها بايدن مع الرياض حين كان نائباً للرئيس، وحين أصبح رئيساً الآن ستحتاج عقوداً لإعادة بنائها”.

وكتب روبين في موقع “1945” أنه بعد انضمامه إلى فريق أوباما في 2008، قرر بايدن تسليط الضوء على أوراق اعتماده السياسية لا بانتقاد إدارة جورج بوش الابن على حرب أفغانستان وحسب، بل أيضاً بانتقاد الرئيس الأفغاني وقتها حامد كرزاي، حتى أن إيران لاحظت أن الأمريكيين يحاولون الإضرار بموقع كرزاي لاستبداله بشخصية أخرى في الانتخابات.

لم ينسَ كرزاي قط ما قاله بايدن ولا سامحه على ما رأى فيه هجوماً شخصياً حسب ما اكتشفه بايدن خلال أول زيارة له نائباً للرئيس إلى أفغانستان.

احتد اللقاء إلى درجة أن بايدن غادر الاجتماع في نهاية المطاف، وأدى ذلك إلى نتيجة واحدة مهمة، تسريع ابتعاد كرزاي عن الغرب نحو مروجي نظريات المؤامرة ضد الأمريكيين، يتأسف روبين لأن تلك الحلقة هي اليوم القاعدة لا الاستثناء.

ويوضح الكاتب أن غالبية الذين انتخبوا بايدن في 2020 لم يفعلوا ذلك لأنهم أرادوا رئيساً للتحول، صوت الديموقراطيون، وحتى المستقلون، والعديد من الجمهوريين لبايدن، لأنهم أرادوا استقراراً في البيت الأبيض، ونهاية الدراما التي طبعت سنوات ترامب.

أساء بايدن فهم التفويض، وكما قال نائب رئيس معهد الشرق الأوسط براين كاتوليس، خلط بايدن بين الناشطين على تويتر، والقاعدة الديموقراطية. كانت النتيجة نهجاً غير مستقر فكرياً مع السعودية.

كان قتل جمال خاشقجي الذي يقول الكاتب إنه كان معرفه، خطأً، لكنه يضيف أن حتى الليبيراليين السعوديين أشاروا إلى أن قضية خاشقجي كانت صراعاً بين وكالة استخبارية، وعميل استخباري سابق لأسباب لا تزال مجهولة.

وبصرف النظر عن ذلك، يفتقر فريق بايدن إلى أي تناسق أخلاقي حين يسعى إلى تبييض سجل إيران ويعطي الضوء الأخضر لاجتياح تركي لكردستان السورية. وليس من المنطقي تكتيكياً التهجم على الأمير محمد بن سلمان إلى درجة إجبار الرياض على التحالف مع موسكو، وبكين.

لكن هذا بالضبط ما فعله فريق بايدن. الآن، يشير السعوديون إلى أن لا نية لديهم لمناقشة قضايا حقوق الإنسان والتحالف الإنتاجي مع موسكو.

مقال “واشنطن بوست”

أضاف الكاتب أن مقال بايدن في “واشنطن بوست” نجح في جعل الأمور أسوأ. قد يعتقد بايدن أنه أنهى عزلة أمريكا المزعومة خلال ولاية ترامب، لكنه يتجاهل نقطتين.

ربما استعدت تصرفات ترامب العديد من الدول في أوروبا الغربية، وعلى بايدن ملاحظة أن هذه الدول لا تمثل العالم بأسره. لكن الرئيس السابق استثمر علاقات وثيقة مع الشرق الأوسط بالتحديد، لأن وزير خارجيته مايك بومبيو يصغي إلى مخاوف دوله، بطريقة لم يفعلها قط جون كيري، وهيلاري كلينتون.

ثانياً، الوحدة التي حققها بايدن كانت وفق شروط إيران، أحياناً، تابع روبين، تعني القيادة الدفاع عن المبادئ عوض الاستسلام لسياسات أوروبا المدفوعة بالمصلحة الذاتية والعلاقات التجارية. إن حوافز ألمانيا لإنهاء العقوبات على إيران وروسيا، بسبب نورد ستريم 2، كانت نفسها.

لن يعجب الرياض

أن يستخدم بايدن “واشنطن بوست” لتأكيد ديبلوماسيته الإيرانية لن يعجب الرياض. لقد قلب اتفاق 2015 النووي عقوداً من سياسة الحد من الانتشار النووي، وفشل في تحقيق ما وعد به أوباما وبايدن وكيري.

أوجب أن يشكل كشف أرشيف إيران عملها العسكري والصاروخي النووي آخر مسمار في النعش. ولكن عوض ذلك، سمح بايدن بزيادة احتياطات إيران من العملة الصعبة أضعافاً مضاعفة منذ أن دخل البيت الأبيض.

أوضح روبين أن مستطلعي الآراء في فريق بايدن ربما يعتقدون أن انتقاد ترامب يثير حماسة التقدميين. لكن كما أوضحت مؤسسة الدفاع عن الديموقراطيات، لم تتسارع أعمال إيران النووية إلا بعد دخول بايدن البيت الأبيض، حين استنتجت إيران أن ليس هناك الكثير لتخشاه على مستوى العواقب.

مشكلته في فهم العقيدة

العامل الموحد الذي يحكم على زيارة بايدن بالفشل، هو رفضه فهم الأيديولوجيا ربما لأنه هو نفسه قادر على تبديل عقائده كما يبدل خزانة ملابسه، وفقاً لروبين.

يوضح دستور النظام الإيراني والنظام التأسيسي للحرس الثوري أن علة وجود نظام رجال الدين هو تصدير الثورة باستخدام المجموعات الوكيلة للإطاحة بالأنظمة.

إن النقاش حول إصلاحيين ومتشددين في إيران لا يمت بصلة للواقع، لأن القادة المنتخبين في إيران لا يؤثرون على السياسة الأمنية. ولهذا السبب، ترى الرياض في الحوثيين تهديداً، والمملكة مُحقة في طرح سؤال عن برود أمريكا لو استهدف إرهابيون عابرون للحدود مطارات مدنية واقتصاد الولايات المتحدة، فآخر مرة حدث فيها ذلك، ذهبت الولايات المتحدة إلى الحرب.

اتهام في غير محله

قد يكون شعار بايدن “الديبلوماسية عادت”، لكن التخلي عن الحلفاء، أصبح عقيدته. للسعوديين ذاكرة طويلة ولا يزالون يشتكون من رسوم متحركة سياسية يصفونها بعنصرية عرضها الأمريكيون في حقبة الحظر النفطي في سبعينات القرن الماضي.

ويستخدم بايدن زيارته لاتهام الأمير بن سلمان بأنه مسؤول جزئياً عن ارتفاع أسعار المحروقات في محطات الوقود، لكن الواقع هو أن مشكلة أسعار الغاز تكمن في سياسات بايدن في الطاقة ذات النتائج العكسية ورفضه في الوقوف بحزم في وجه كيري ومؤيدي الاتفاق الأخضر الجديد.

قصر نظر

يعتقد الكاتب أن انتقادات بايدن غير المبررة وقصيرة النظر ورفضه التقييم النزيه للاتفاق النووي أو أخذ مخاوف السعودية الاستراتيجية بالاعتبار، ستمنع على الأرجح مسارعة السعودية بمده بطوق نجاة.

ربما تكون هناك إعادة ضبط للعلاقات في 2024، لكن الثقة التي استنزفها بايدن مع الرياض حين كان نائباً للرئيس، وحين أصبح رئيساً الآن ستحتاج عقوداً لإعادة بنائها.

زر الذهاب إلى الأعلى